جفاف المهبل بعد الولادة: الأسباب والعلاج

جفاف المهبل بعد الولادة

جفاف المهبل بعد الولادة (Postpartum vaginal dryness) هي حالة شائعة بين النساء تبدأ بعد ولادة الطفل، وتستمر طوال فترة الرضاعة الطبيعية، تسبب شعور المرأة بالجفاف والحكة في المهبل أو حوله، وعدم الراحة والألم أثناء ممارسة العلاقة.

يعد جفاف المهبل حالة شائعة جدًا يمكن أن تواجهها المرأة في أي مرحلة من حياتها، ولكن تزداد فرصة الإصابة بها بعد الولادة، ففي دراسة أُجريت عام 2018 على 832 امرأة، تبين أن 43% من النساء يعانون من جفاف المهبل بعد 6 أشهر من الولادة.

أسباب جفاف المهبل بعد الولادة

يكون المهبل الصحي رطباً قليلًا، إذ تنتج الغدد الموجودة حول عنق الرحم طبقة رقيقة من المخاط لتغطي جدران المهبل.

وعادةً ما تتغير طبيعية وكمية ولون مخاط عنق الرحم على مدار الدورة الشهرية، فقد تلاحظين المزيد من المخاط (الذي يكون مائيًا أكثر، ويشبه بياض البيض) في فترات الإباضة لتسهيل وصول الحيوانات المنوية للبويضة وتخصيبها، وفي أوقات أخرى من الدورة الشهرية قد تلاحظين كميات أقل من المخاط، وهذا الأمر طبيعي وغير مثير للقلق.

ولكن ماذا عن جفاف المهبل بعد الولادة؟ ما هي أسباب حدوثه؟ تصاب الكثير من النساء بجفاف المهبل بعد ولادة أطفالهنّ بسبب:

1| تغير مستويات الهرمونات

واحد من أسباب جفاف المهبل بعد الولادة هو تغير مستويات الهرمونات، وخاصة هرموني الإستروجين والبروجسترون. ولنستطيع توضيح دورهما في ذلك لا بد من إخبارك بالمعلومات الآتية:

• يفرز المبيضان هرموني الإستروجين والبروجسترون، واللذان يلعبان دورًا في البلوغ ونمو الثدي والدورة الشهرية عند المرأة.
• هذان الهرمونان هما المسؤولان عن تراكم بطانة الرحم خلال الدورة الشهرية، وانخفاض مستوياتهما في حال عدم حدوث حمل يسبب تساقط بطانة الرحم خلال فترة الطمث، أما في حال حدوث حمل ترتفع مستوياتها وبدلًا من التخلص من بطانة الرحم تتطور لتصبح المشيمة، والتي بدورها تنتج هرموني الإستروجين والبروجسترون أيضًا.
• بعد الولادة تنخفض مستوياتهما بشكل كبير جدًا، فخلال 24 ساعة من الولادة تعود مستوياتهما لما كانت عليه قبل الحمل، ولكن تنخفض مستويات هرمون الإستروجين بشكل أكبر خلال الرضاعة الطبيعية، وذلك لأنه يتداخل مع إنتاج الحليب.
• ولأن هرمون الإستروجين هو المسؤول عن تجديد أنسجة المهبل بانتظام، وتعزيز تدفق الدم للأعضاء التناسلية، وتحفيز الغدد على إفراز مخاط عنق الرحم لترطيب وتزييت المهبل، فإن انخفاض مستوياته خلال فترة الرضاعة الطبيعية يجعل أنسجة المهبل أرق وأقل مرونة وأكثر حساسية، ويسبب جفاف المهبل بعد الولادة.
• ويجدر التنويه أن التغيرات الهرمونية التي تحدث في مرحلة انقطاع الطمث، أو في حال تناول حبوب منع الحمل أو علاجات الاكتئاب، أو بعد الخضوع لعملية استئصال الرحم أو التعرض لعلاجات معينة للسرطان كالعلاج الكيميائي، تسبب جفاف المهبل والهبات الساخنة والتعرق الليلي أيضًا.

2| الإصابة بحالات صحية

يمكن أن يكون سبب جفاف المهبل هو الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة، وهي حالة شائعة تصيب 10% من النساء بعد الولادة، تسبب إنتاج الغدة الدرقية لكميات أكبر أو أقل من هرموناتها.

إن كان جفاف المهبل ناتجًا عن التهاب الغدة الدرقية، فلا داعي للقلق فحوالي 80% من النساء تعود لديهن وظيفة الغدة الدرقية إلى طبيعتها خلال 12 - 18 شهرًا مع العلاج المناسب.

كما أن الإصابة ببعض الحالات الصحية، مثل: مرض السكري، أو متلازمة سجوجرن، وهي حالة تؤثر على إنتاج سوائل الجسم قد يلعب دورًا في جفاف المهبل أيضًا.

3| أسباب أخرى

بالإضافة للأسباب السابقة، تزيد العوامل الآتية من جفاف المهبل عند النساء:

• تناول بعض الأدوية مثل مضادات الهيستامين.
• استخدام الصابون المعطر أو الغسول المهبلي أو الدوش داخل المهبل.
• عدم حدوث الإثارة أثناء ممارسة العلاقة.

متى يزول جفاف المهبل بعد الولادة؟

كما وضحنا سابقًا من الطبيعي إصابة المرأة بجفاف المهبل بعد ولادة طفلها، ومن الطبيعي زيادة جفاف المهبل عند الأمهات اللاتي يرضعنّ أطفالهنّ، فقد تلاحظ المرضعات جفاف المهبل الشديد في غضون عدة أسابيع بعد الولادة.

عادةً ما يبقى الجفاف على هذا النحو طوال فترة الرضاعة الطبيعية، لذلك إن كنتِ تتساءلين متى يزول جفاف المهبل بعد الولادة الطبيعية أو القيصرية؟ فالإجابة هي أن الجفاف المهبلي يتحسن بشكل ملحوظ بمجرد التوقف عن الرضاعة الطبيعية، وانخفاض مستوى هرمون الحليب، وعودة الدورة الشهرية ومستويات هرمون الإستروجين إلى المستويات التي كانت عليها قبل الحمل.

العلاج

إلى حين التوقف عن الرضاعة الطبيعية وعودة مستويات هرمون الإستروجين لما كانت عليه قبل الحمل، لا بد من اتباع بعض النصائح للتخفيف من جفاف المهبل والانزعاج الناتج عنه، مثل:

• اشربي الكثير من الماء: من الضروري شرب 6 - 8 أكواب من الماء يوميًا للحفاظ على ترطيب جميع أنسجة الجسم. كما أن المخاط يتكون من 90% من الماء، لذلك يساعد شرب الكثير من الماء على بقاء المهبل رطبًا.
• استخدمي المزلقات: يمكنك استخدام المزلقات المائية قصيرة المفعول للتغلب على الألم وعدم الراحة أثناء ممارسة العلاقة. ولكن من الضروري إخبارك أن المزلقات لا توفر حلًا جذريًا لمشكلة جفاف المهبل، بل هي تساعد في التخفيف من الانزعاج الذي يحدث أثناء ممارسة العلاقة فقط.
• استخدمي المرطبات المهبلية: لأن جفاف المهبل يسبب الألم وعدم الراحة طوال الوقت، وليس فقط أثناء ممارسة العلاقة، ننصحك باستخدام المرطبات المهبلية كل بضعة أيام، وذلك لأنها توفر ترطيب طويل الأمد، وتخفف من الجفاف مقارنة بالمزلقات.
• مارسي تمارين كيجل: تساعد هذه التمارين في تقوية عضلات قاع الحوض، وتعد فعالة جدًا في تعزيز تدفق الدم للمهبل.
• استخدمي كبسولات فيتامين هـ: يعد فيتامين هـ أحد مضادات الأكسدة الطبيعية، وقد ثبتت فوائده في تقليل التهابات أنسجة المهبل ومنع شيخوخة الأنسجة، لذلك ننصحك باستخدام كبسولات فيتامين هـ لترطيب المهبل، أو استخدام مرطب مهبلي يحتوي على هذا الفيتامين كأحد مكوناته.
• حافظي على نظافة المهبل: جفاف المهبل يزيد من خطر حدوث عدوى، لذلك حافظي على نظافة المهبل عن طريق غسله بصابون مناسب وتجفيفه جيدًا، وتجنبي استخدام الدوش المهبلي والمستحضرات المعطرة والبخاخات؛ لأنها تزيد من تهيج المهبل.
• اختاري الملابس الداخلية بعناية: ارتدي ملابس داخلية قطنية وفضفاضة وناعمة وذات قدرة على الامتصاص، وتجنبي الملابس الضيقة والأقمشة الصناعية.
• جربي وضعيات مختلفة: احرصي على زيادة المداعبة قبل ممارسة العلاقة وتجربة تقنيات ووضعيات مختلفة للتخفيف من الألم والانزعاج.
• استشيري طبيبك حول استخدام الأدوية: استشيري طبيبك حول استخدام كريم مهبلي يحتوي على هرمون الإستروجين، أو تناول مكملات الإستروجين، وذلك لأنها تزيد من خطر الإصابة بالسرطان ومشاكل أخرى مثل جلطات الدم.

واحرصي عزيزتي على زيارة الطبيب إن استمر الجفاف بعد عودة الدورة الشهرية، أو إذا شعرتِ بالألم أو صعوبة في التعايش مع جفاف المهبل.