تحديات الرضاعة الطبيعية وحلولها

بالرغم من أن الرضاعة الطبيعية مهمة لتعزيز صحة الأم والطفل على حدٍ سواء، إلا أن هذه الرحلة ليست سهلة أبدًا، وعادةً ما تواجه الأمهات العديد من المشاكل والصعوبات خلالها ما يجعلها رحلة مليئة بالتحديات. لذلك قررنا في هذا المقال أن نتعمق في جميع التحديات والمشاكل المرتبطة بها، ونقدم حلولًا عملية ونصائح مفيدة للتغلب عليها.

بيسان شامية
بيسان شامية
تاريخ النشر:Aug 10th 2024
تحديات الرضاعة الطبيعية

فوائد الرضاعة الطبيعية

في البداية، وقبل أن نخوض في التحديات والمشاكل لا بد أن نتعمق قليلًا في فوائد الرضاعة الطبيعية، فهي ترتبط بفوائد عديدة للأم والطفل وفهمها سوف يساعدكِ على مواجهة التحديات الشائعة التي يمكن أن تعترض طريقك.

يعد حليب الثدي أفضل مصدر تغذية للأطفال، فمع نمو الطفل يتغير حليب الثدي ليلبي احتياجاته الغذائية. وبالإضافة لذلك يساعد في:

  • تقوية الجهاز المناعي للطفل، فحليب الأم غني بالعديد من الأجسام المضادة المهمة لمحاربة الفيروسات والبكتيريا.
  • حماية الطفل من العديد من الأمراض على المدى القريب والبعيد، حيث تقلل من خطر إصابة الطفل بالسمنة والربو والسكري من النوع الأول ومتلازمة موت الرضيع المفاجئ.
  • تحفيز نمو وتطور دماغ الطفل، وتطوير مهاراته الإدراكية.
  • الاستقرار العاطفي للأم والطفل، فالأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية يكونون أكثر استقرارًا وهدوءًا، وكما أن الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن يكونون أقل خطراً للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
  • التقليل من خطر إصابة الأم بسرطان الثدي والمبيض والسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم.
  • تحفيز خسارة الوزن واستعادة الأم لرشاقتها بعد الولادة، حيث تبين أن المرضعة تحرق 400 - 500 سعرة حرارية إضافية يوميًا.
  • شد البطن بعد الولادة، وذلك لأن الرضاعة تحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين، والذي يساعد في انكماش الرحم.
  • توفير وقت ومجهود الأم والنفقات التي يتطلبها الحليب الصناعي.

 التحديات الرضاعة الطبيعية الشائعة

تواجه بعض النساء تحديات ومشاكل أثناء الرضاعة الطبيعية، وهذا ما قد يجعل إكمال المهمة صعبًا عليها وعلى طفلها، لذلك قررنا أن نوضح لكِ التحديات الشائعة، ونقدم حلولًا لكل منها. ولكن يجدر التنويه أن بعض النساء لا يواجهن أياً من المشاكل الآتية، أو قد تواجهها مع طفل واحد، ولا تواجهها مع أطفالها الآخرين:

مشاكل تتعلق بالأمهات

قد تواجه الأمهات العديد من المشاكل خلال الرضاعة، وهذه أبرزها:

1| التهاب الثدي

التهاب الثدي هي عدوى تصيب أنسجة الثدي، وتسبب حمى وألماً في عضلات الثدي واحمرار، وأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا كالشعور بالإرهاق والألم الشديد، وخروج إفرازات صفراء من الحلمات.

يحدث التهاب الثدي عادةً نتيجة انسداد قنوات الحليب، بحيث يصاب الحليب المحصور بالبكتيريا من فم الطفل، وعادةً ما تصاب به 10% من النساء خلال الستة أسابيع الأولى من عمر الطفل.

2| تكتلات الثدي

من المشاكل الشائعة أيضًا شعور الأم بوجود تكتلات في أي مكان بالثدي أو تحت الإبط بحجم حبة البازلاء أو أكبر قليلًا، لونها أحمر وتسبب الألم، ولا تختفي بعد تفريغ الثدي بالرضاعة أو شفط الحليب.

عادةً ما تكون تكتلات الثدي أحد أعراض انسداد قنوات الحليب، وهي مشكلة شائعة بين المرضعات، بحيث تصبح قناة الحليب مسدودة، وتسبب ارتجاع الحليب، بسبب عدم وجود توازن بين كمية الحليب التي ينتجها الجسم، والتي يحتاجها الطفل أو بسبب الفطام المفاجئ أو ارتداء حمالات الصدر الضيقة. وعلى الرغم من أنه أمر غير مثير للقلق، إلا أن تجاهله قد يسبب التهاب الثدي.

3| تقرح الحلمات

تعاني الكثير من الأمهات من تقرحات في الحلمات وألم وتشققات وخاصة عند البدء بالرضاعة، وعادةً ما يكون السبب هو ضعف التقام الطفل للثدي بشكل صحيح أو وضعية الرضاعة أو ارتداء حمالات صدر غير مناسبة أو ملابس خشنة تحتك بالحلمات أو نتيجة الإصابة بعدوى فطرية تعرف بمرض القلاع أو بسبب الاستخدام الخاطئ لشفاط الحليب.

4| أشكال وحجم الثدي والحلمة

قد تواجه الكثير من النساء تحديات في الرضاعة؛ بسبب حجم وشكل الثدي والحلمة. فعلى سبيل المثال قد تكون الحلمة مسطحة وبنفس مستوى بقية أجزاء الثدي، وهذا ما يثير القلق عند الأم حول إمكانية إرضاع الطفل طبيعيًا. تعرفي على إجابة سؤال هل الرضاعة الطبيعية مع الحلمة المسطحة ممكنة؟

كما يمكن أن تكون الحلمة مقلوبة أي متجهة إلى الداخل بدلًا من الخارج، ويكون من الصعب على الطفل الرضاعة، أما الحلمات الكبيرة، فتجعل من الصعب على الطفل أن يدخل ما يكفي من الهالة في فمه للضغط على قنوات الحليب والحصول على ما يكفي منه.

5| مشاكل أخرى

يمكن أن تواجه الأم المشاكل الآتية أيضًا أثناء الرضاعة:

  • قلة إدرار الحليب، وهذا ما قد يجعل الأم تشعر بالقلق حول ما إن كان طفلها يحصل على ما يكفي من الحليب، ولكن ننصحها في هذه الحالة بتجربة أطعمة ومشروبات تزيد من إدرار الحليب.
  • إنتاج الثدي للمزيد من الحليب، وهذا قد يجعل الرضاعة مرهقة وصعبة وخاصة على الطفل، لأن تدفق الحليب يكون قوياً، وقد يختنق الطفل ويسعل.
  • احتقان الثدي (تحجر الثدي) وخاصة في الأيام الأولى بعد الولادة أو عند الفطام، فينتفخ الثدي ويتورم ويصبح ملمسه قاسيًا كالصخور بسبب زيادة إمدادات الحليب وتراكمه في قنوات الحليب.
  • تسرب الحليب من الثدي.
  • إصابة الثدي أو الحلمات بعدوى فطرية.

مشاكل تتعلق بالأطفال

أما فيما يتعلق بمشاكل الرضاعة الطبيعية المتعلقة بالطفل، فتشمل:

1| صعوبة التقام الحلمة

المشكلة الأكثر شيوعًا، والتي يواجهها الأطفال أثناء الرضاعة هي صعوبة التقاط الحلمة بشكل صحيح، وهذا قد يسبب انخفاض تدفق الحليب، بحيث يساعد التقاط الحلمة بشكل صحيح في الضغط على قنوات الحليب حول الهالة للبدء بتدفق الحليب.

ومن علامات عدم التقاط الطفل للحملة ألم الحلمة؛ لأن الطفل يمضغ الحملة بدلًا من الهالة، أو سماع أصوات نقر تشير إلى أن الطفل لا يمسك بالثدي بشكل صحيح.

2| رفض الطفل للرضاعة الطبيعية

قد يرفض الطفل الرضاعة بشكل مفاجئ بعد أن كان يرضع بشكل طبيعي، وقد تفسر الأم هذا على أن الطفل يرغب بفطام نفسه.

وفي الحقيقة من النادر أن يفطم الطفل نفسه قبل عمر السنة، وغالبًا ما يرفض الرضاعة بسبب آلام التسنين أو التهاب الحلق أو الأنف أو انخفاض كمية إدرار الحليب أو نفور الطفل من رائحة الأم؛ بسبب استخدام عطر أو صابون جديد أو حتى تغير طعم الحليب؛ بسبب التغيرات الهرمونية أو حتى انزعاج الطفل من عودة والدته للعمل. إليكِ مجموعة أفكار تسهل استمرار الرضاعة الطبيعية بعد العودة للعمل.

 حلول لمواجهة تحديات الرضاعة الشائعة

لا تقلقي عزيزتي، فكل مشكلة لها حل، وفيما يأتي أبرز النصائح والحلول لتحديات ومشاكل الرضاعة التي ذكرناها سابقًا:

1|  علاج التهاب الثدي

عادةً ما يصف الطبيب المضادات الحيوية لعلاج التهاب الثدي، ومسكنات الألم دون وصفة طبية، مثل: الأسيتامينوفين والإيبوبروفين، ووضع كمادات ماء دافئة على المنطقة المؤلمة لتخفيف الألم.

2| علاج تكتلات الثدي

وضحنا أن تكتلات الثدي تنتج عن انسداد قنوات الحليب، وبكل بساطة كل ما عليكِ هو الاستمرار في الرضاعة لفتح القناة المسدودة.

ولكن في هذه الأثناء ضعي كمادات ماء دافئة قبل كل رضعة، وقومي بتدليك الكتلة فقط أثناء الرضاعة، وبمجرد انتهاء طفلك من الرضاعة قومي بتفريغ الحليب من الثدي المصاب يدويًا، وارتدي ملابس فضفاضة.

3| معالجة تقرح الحلمات

أفضل علاج هو تعليم الطفل كيفية الإمساك بالحلمة بشكل صحيح، وترك الحلمات تجف بعد الرضاعة الطبيعية، ووضع طبقة رقيقة من اللانولين عليها وتغطيتها بضمادة غير لاصقة.

كما ينصح بوضع كمادات ماء باردة على الحلمات وتناول مسكنات الألم وتجنب استخدام صابون ومراهم قاسية تحتوي على مواد قابضة على الحلمات لتنظيفها، بل الاكتفاء بغسلها بالماء فقط.

وإن كنتِ مصابة بعدوى القلاع، فقد يصف الطبيب أدوية مضادة للفطريات لكِ ولطفلك.

4| علاج مشكلة حجم الحلمات

نعم، عادةً ما يتحسن بروز الحلمات مع مرور الوقت، ولكن يمكنك استخدام أصابعك لمحاولة سحب الحلمات خارجًا أو استخدام جهاز لشفط الحلمات المقلوبة أو المسطحة بلطف وبشكل مؤقت. أما الحلمات كبيرة الحجم، فسوف يتحسن التقام الحلمة عند الأطفال بعد عدة أسابيع.

5| علاج رفض الطفل للرضاعة الطبيعية

قد تشعر الأم بالحزن من رفض الطفل للرضاعة الطبيعية والحل هو عدم الاستسلام والاستمرار بعرض الثدي للرضاعة والمحاولة دون إجبار بتغيير وضعيات الرضاعة. اعرفي كل شيء عن  طرق علاج رفض الطفل للرضاعة الطبيعية في هذا المقال.

6| مساعدة الطفل التقام الحلمة بشكل صحيح

يومًا بعد يوم ومع الممارسة سوف تستطيعين تعليم طفلك التقام الحملة بشكل صحيح، ولكن في البداية اتخذي وضعيات الرضاعة الطبيعية الصحيحة ثم اضغطي على الهالة بين أصابعك ودغدغي خد الطفل ليفتح فمه؛ ومن ثم ارفعيه إلى الثدي حتى يمسك بالحلمة.

 هل يمكن أن يكون عمل الأم عائقًا للرضاعة الطبيعية؟

العودة للعمل من أصعب اللحظات على الأم وتحديدًا المرضعة، حيث ستنفصل عن رضيعها لساعات طويلة لأول مرة، وهذا بدوره سوف يغير العديد من الأمور الروتينية بينها وبين طفلها، ومن أبرزها الرضاعة، فهل يمكن أن يكون عمل الأم عائقًا على الرضاعة الطبيعية؟

بالرغم من أن العودة للعمل يرتبط بالعديد من الصعوبات والتحديات، إلا أن الأم إن رغبت بالاستمرار في الرضاعة الطبيعية يمكنها ذلك باتباع بعض النصائح. (تعرفي على 5 أفكار للأم العاملة لأجل رضاعة طبيعية سلسة)

هل ترتبط الرضاعة الطبيعية بمشكلات نفسية للأم؟

نعم، قد تسبب بعض المشكلات النفسية والعاطفية للأم، فقد تصاب الأم باكتئاب ما بعد الولادة، والذي يتفاقم بسبب التحديات المرتبطة بالرضاعة الطبيعية.

كما يمكن أن تتأثر الرغبة الجنسية عند المرأة بالرضاعة، فعلى سبيل المثال ارتفاع مستوى هرمون الحليب قد يسبب انخفاض الرغبة الجنسية، كما أن إفراز الجسم لكميات قليلة من هرمون الإستروجين خلال الرضاعة قد يسبب جفاف الأعضاء التناسلية. (اعرفي أكثر هل تؤثر الرضاعة الطبيعية على الرغبة الجنسية؟)

نصائح لرضاعة طبيعية سلسة

إليكِ بعض النصائح لجعل تجربة الرضاعة سهلة:

  • اقرئي عن الرضاعة الطبيعية مسبقًا واحضري دروساً وحاولي تثقيف نفسك منذ الحمل لتكوني على دراية بما يمكن حدوثه.
  • احرصي على إرضاع طفلك كثيرًا في الأسابيع القليلة الأولى، لأن معدة الطفل صغيرة الحجم، ويتم هضم الحليب بسهولة.
  • أرضعي طفلك عندما تظهر عليه علامات الجوع، وحتى لو أكل قبل ساعة فقط.
  • جربي وضعيات الرضاعة الطبيعية المختلفة، حتى تجدي وضعية مريحة لكِ ولطفلك.
  • اشربي الكثير من الماء والسوائل وتناولي غذاء متوازن للحفاظ على إنتاج الحليب.
  • ابدئي الرضاعة الطبيعية في أقرب وقت ممكن لتحفيز إنتاج الحليب، وجربي الأشياء التي تدر الحليب بعد الولادة.

الخلاصة

من آلام الحلمة والتشققات إلى مشاكل الالتقاط الصحيح للحلمة، ومن انسداد قنوات الحليب إلى التهاب الثدي والتكتلات، تواجه الأمهات العديد من الصعوبات والتحديات خلال الرضاعة الطبيعية، وجميعها يتطلب دعمًا وإرشادًا خاصًا.

بيسان شامية
بيسان شاميةكاتبة محتوى طبي

بيسان كاتبة محتوى في منصة أمومة، وهي ليست مجرد صيدلانية، بل هي أيضًا أم لطفلة صغيرة وهذا ما يمنحها منظورًا فريدًا وعميقًا في مجال الصحة والأمومة. بدأت بيسان مسيرتها المهنية في عالم الصيدلة، حيث عملت لمدة سنتين في صيدلية، وهناك بدأت تجربتها في فهم الأدوية وتأثيراتها على الجسم البشري. لكن سرعان ما اكتشفت شغفها الحقيقي في كتابة المحتوى الطبي. انتقلت بعد ذلك إلى عالم كتابة ومراجعة المحتوى الطبي والبحث العلمي، حيث اكتسبت خبرة طويلة وثرية في هذا المجال.

تتميز بيسان بقدرتها على المزج بين خبرتها كصيدلانية وتجربتها كأم لتقديم محتوى طبي عالي الجودة وموثوق به لمنصة أمومة. بفضل اندماجها الفريد بين العلم والأمومة، تستطيع بيسان تقديم المعلومات الطبية بطريقة قابلة للفهم والتطبيق العملي، مما يجعلها مصدرًا ثقة لكل أم تبحث عن النصائح والتوجيه في رحلتها الأمومية والصحية.

 

مقالات ذات صلة