مهما ظننا أننا بخير، إلا أننا قد نعاني من صدمات عاطفية ونفسية، سواء كنا مدركين لذلك أم لا. حيث أن الصدمات تؤثر فينا بشكل مختلف. سأتحدث بهذا المقال عن الصدمة العاطفية وأنواعها، وكيف تظهر أعراضها. وأهم خطوات التعافي من الصدمات العاطفية.
بالرغم من أن ترجمة Trauma للغة العربية تعطي مصطلح صدمة نفسية أو صدمة عاطفية، إلا أن هذه الصدمة بالفعل ليست صادمة! حيث إنها لا تحدث بشكل مفاجئ دائمًا، بل هي تراكمات عاطفية ونفسية نتيجة لعدة أحداث أو صدمات يمر بها الإنسان في حياته. وفي أغلب الأحيان تكون نقطة البداية لهذه الصدمة هي الطفولة. الصدمة العاطفية هي ليست الحدث أو الفعل الذي يؤثر في النفسية والمشاعر، بل هي كيفية التعامل، والاستجابة مع هذا الحدث، وكيفية تأثيره علينا. وتؤثر الصدمات على الصحة النفسية، والجسدية، والعاطفية للشخص الذي يعاني منها.
فمثلًا الولادة بحد ذاتها ليست تجربة صادمة، ولكن قد تعاني بعض النساء متاعب، وصعوبات خلال الولادة، فتتُصبح لديها صدمة عاطفية من الولادة، تؤثر عليها نفسيًا، وجسديًا، وقد تؤثر على علاقتها بمولودها كذلك.
ومن الجدير بالذكر أيضًا، أنه ممكن لعدة أشخاص المرور بنفس التجربة، فيخرج أحدهم بصدمة عاطفية من ذات التجربة، بسبب ترجمته للتجربة بشكل معين، بينما لا تؤثر في الآخرين بأي شكل سلبي.
الصدمة العاطفية كما ذكرت سابقًا هي ليست بالضرورة حدث مفاجئ، بل هو حدث في تطور مستمر، وقد يتكرر يوميًا. أفضل مثال على ذلك صدمات الطفولة التي يُعاني من الكثيرين بسبب طريقة تعامل الأهل معهم وهم أطفال. فيمكن تكرار بعض العبارات الجارحة للطفل أن تترك في نفسه أثرًا تجعله يعاني من صدمة نفسية أو عاطفية، تؤثر فيه بقية حياته.
يؤكد الخبراء أن غياب عاملين أساسيين من حياتنا هما الأساس الذي يصنع منا تربة خصبة للصدمات العاطفية وهما:
لذلك عندما نعمل مع الأشخاص الذين عانوا من انعدام الحب، والأمان مع وجود صدمة عاطفية، ولكي يكون العلاج فعالًا أول ما نقوم به هو إشعارهم بالأمان. لكي يتمكنوا من التواصل والتعبير عن مشاعرهم.
يُصنف الخبراء الصدمات إلى نوعين:
مثل التعرض للاغتصاب، أو معايشة أحداث دامية مثل الحروب، والكوارث، وغيرها من الأزمات الشديدة، والتي يكون تأثيرها بالغًا، وواضحًا.
وهي التي يُعاني منها الكثير من الأشخاص، جراء حدث معين، أو تجربة معينة تترك أثرًا، في العقل والجسم أيضًا.
يؤكد الخبراء أن أغلب أعراض الصدمة هي أعراض مرضية، وجسدية وذلك بسبب الانفصال الذي تحدثه الصدمة بين المشاعر، والجسد، فيظهر هذا الانفصال في الكثير من الأحيان على شكل حالات مرضية من أبرزها:
ومن الممكن أن تظهر هذه الأعراض بشكل مفاجئ بعد سنوات عديدة من التعرض للصدمة العاطفية. ففي الكثير من الأحيان تظهر هذه الأمراض على الأشخاص الكبار بسبب ما تعرضوا له من إهمال عاطفي، أو قسوة خلال طفولتهم.
لا يوجد، حتى اليوم علاج نهائي للصدمات العاطفية. ولكن يوجد طرق معالجة ناجحة، فعلاج الصدمات عملية تحتاج للوقت، وطريق علينا المشي فه للاستشفاء، ولإعادة التواصل مع المشاعر.
يمكن تعزيز التواصل بين العقل والجسم، وإدراك أن الألم الذي قد نشعر به هو بسبب الصدمة العاطفية التي مررنا بها. ويمكن تعزيز هذا التواصل من خلال التأمل، واليوغا، أو العلاجات النفسية الجسدية المعروفة باسم Somatic Therapies، وغيرها من التقنيات التي تعزز تواصل الجسد، والمشاعر.