ما هي الصدمة العاطفية؟ وما هو علاجها؟

مهما ظننا أننا بخير، إلا أننا قد نعاني من صدمات عاطفية ونفسية، سواء كنا مدركين لذلك أم لا. حيث أن الصدمات تؤثر فينا بشكل مختلف. سأتحدث بهذا المقال عن الصدمة العاطفية وأنواعها، وكيف تظهر أعراضها. وأهم خطوات التعافي من الصدمات العاطفية.

رندة الزين
رندة الزين
تاريخ النشر:Nov 28th 2023 | تاريخ التعديل :Nov 10th 2024
علاج الصدمة العاطفية

ما هي الصدمة العاطفية؟

بالرغم من أن ترجمة  Trauma للغة العربية تعطي مصطلح صدمة نفسية أو صدمة عاطفية، إلا أن هذه الصدمة بالفعل ليست صادمة! حيث إنها لا تحدث بشكل مفاجئ دائمًا، بل هي تراكمات عاطفية ونفسية نتيجة لعدة أحداث أو صدمات يمر بها الإنسان في حياته. وفي أغلب الأحيان تكون نقطة البداية لهذه الصدمة هي الطفولة. الصدمة العاطفية هي ليست الحدث أو الفعل الذي يؤثر في النفسية والمشاعر، بل هي كيفية التعامل، والاستجابة مع هذا الحدث، وكيفية تأثيره علينا. وتؤثر الصدمات على الصحة النفسية، والجسدية، والعاطفية للشخص الذي يعاني منها.

فمثلًا الولادة بحد ذاتها ليست تجربة صادمة، ولكن قد تعاني بعض النساء متاعب، وصعوبات خلال الولادة، فتتُصبح لديها صدمة عاطفية من الولادة، تؤثر عليها نفسيًا، وجسديًا، وقد تؤثر على علاقتها بمولودها كذلك.

ومن الجدير بالذكر أيضًا، أنه ممكن لعدة أشخاص المرور بنفس التجربة، فيخرج أحدهم بصدمة عاطفية من ذات التجربة، بسبب ترجمته للتجربة بشكل معين، بينما لا تؤثر في الآخرين بأي شكل سلبي.

تطور الصدمة العاطفية

الصدمة العاطفية كما ذكرت سابقًا هي ليست بالضرورة حدث مفاجئ، بل هو حدث في تطور مستمر، وقد يتكرر يوميًا. أفضل مثال على ذلك صدمات الطفولة التي يُعاني من الكثيرين بسبب طريقة تعامل الأهل معهم وهم أطفال. فيمكن تكرار بعض العبارات الجارحة للطفل أن تترك في نفسه أثرًا تجعله يعاني من صدمة نفسية أو عاطفية، تؤثر فيه بقية حياته.

عناصر تكون الصدمات العاطفية

يؤكد الخبراء أن غياب عاملين أساسيين من حياتنا هما الأساس الذي يصنع منا تربة خصبة للصدمات العاطفية وهما:

  • الشعور بالأمان.
  • أن يكون الشخص محبوبًا.

لذلك عندما نعمل مع الأشخاص الذين عانوا من انعدام الحب، والأمان مع وجود صدمة عاطفية، ولكي يكون العلاج فعالًا أول ما نقوم به هو إشعارهم بالأمان. لكي يتمكنوا من التواصل والتعبير عن مشاعرهم.

ما هي أنواع الصدمة العاطفية؟

يُصنف الخبراء الصدمات إلى نوعين:

صدمة عاطفية بالغة Trauma  

مثل التعرض للاغتصاب، أو معايشة أحداث دامية مثل الحروب، والكوارث، وغيرها من الأزمات الشديدة، والتي يكون تأثيرها بالغًا، وواضحًا.

صدمة عاطفية trauma

وهي التي يُعاني منها الكثير من الأشخاص، جراء حدث معين، أو تجربة معينة تترك أثرًا، في العقل والجسم أيضًا.

أعراض الصدمة العاطفية

يؤكد الخبراء أن أغلب أعراض الصدمة هي أعراض مرضية، وجسدية وذلك بسبب الانفصال الذي تحدثه الصدمة بين المشاعر، والجسد، فيظهر هذا الانفصال في الكثير من الأحيان على شكل حالات مرضية من أبرزها:

  • الفيبروميالجيا
  • آلام الظهر
  • التعب المزمن
  • الاكتئاب
  • الأمراض المناعية مثل التصلب اللويحي
  • التهاب المفاصل الروماتويدي
  • فرط الحركة وتشتت الانتباه

ومن الممكن أن تظهر هذه الأعراض بشكل مفاجئ بعد سنوات عديدة من التعرض للصدمة العاطفية. ففي الكثير من الأحيان تظهر هذه الأمراض على الأشخاص الكبار بسبب ما تعرضوا له من إهمال عاطفي، أو قسوة خلال طفولتهم.

علاج الصدمات العاطفية

لا يوجد، حتى اليوم علاج نهائي للصدمات العاطفية. ولكن يوجد طرق معالجة ناجحة، فعلاج الصدمات عملية تحتاج للوقت، وطريق علينا المشي فه للاستشفاء، ولإعادة التواصل مع المشاعر.

  • الخطوة الأولى نحو التعافي تكون بإدراك وجود صدمة عاطفية، وهذا الإدراك يجب أن يكون بالعقل بالدرجة الأولى، ومن ثم باستخدام الذكاء العاطفي، والتواصل مع المشاعر، ومن ثم بالحدس تلك الطاقة التي نملكها والتي تساعدنا على البقاء. 
  • المرحلة التالية هي اللجوء لمعالج نفسي مختص بعلاج الصدمات العاطفية، والقادر على تأمين ما يحتاجه الشخص المصاب بالصدمة، وهما الشعور بالأمان، والمحبة. من المهم أن يمتلك هذا المعالج الدراية، والخبرة الكافية لعلاج الصدمات.
  • والمرحلة الأخيرة هي بناء تواصل وعلاقات مع أشخاص داعمين، ومحبين. سواء من الأصدقاء، أو العائلة أو الانتماء لمجتمع داعم خصوصًا إذا كانت هذه الدائرة مكونة من أشخاص مروا بتجارب مماثلة، وقادرين على التعاطف، وتقديم الدعم. من المهم التنويه أن أغلب الأشخاص الذين يعانون صدمات عاطفية يبتعدون عن الناس، ويتوقفون عن التواصل حتى مع الأصدقاء. لأن هذا التواصل يسبب باستعادة مشاعر سلبية، ومسببات الصدمة. ولكن رحلة التشافي تحتاج للتواصل العاطفي، وللثقة، وللحصول على محبة الآخرين، والشعور بالأمان.
  • الخطوة التالية هي التعاطف الذاتي، والتعامل مع المشاعر بشكل إيجابي، ومواجهتها بتعاطف وعدم التهرب منها. فمثلًا إذا كانت تجربة ولادتك قد سببت صدمة عاطفية أثرت على علاقتك بطفلك، لدرجة أنك تغضبين منه بسرعة، توفي قليلًا عندما تشعري بهذا الغضب، وواجهيه معترفةً بسببه، ومصدره، وتعاطفي معه كأنه طفل صغير يحتاج لاهتمامك (وكوني الأم والأب الذي تمنيت وجودهما في طفولتك)

 

يمكن تعزيز التواصل بين العقل والجسم، وإدراك أن الألم الذي قد نشعر به هو بسبب الصدمة العاطفية التي مررنا بها. ويمكن تعزيز هذا التواصل من خلال التأمل، واليوغا، أو العلاجات النفسية الجسدية المعروفة باسم Somatic Therapies، وغيرها من التقنيات التي تعزز تواصل الجسد، والمشاعر.

 

golden-bundle-gold-cta-ar.webp

رندة الزين
رندة الزين أخصائية في علم النفس التربوي ومدربة حياة معتمدة

تحمل رندا شهادة الماجستير في علم النفس التربوي والعديد من الشهادات المعتمدة في مجال اللايف كوتشينغ ودعم الصحة النفسية. وهي مؤسسة بي يو للاستشارات التربوية، كما أنها مؤلفة كتاب PASSIONABILITY. ولديها أكثر من 13 سنة من الخبرة في التدريب ومساعدة الآخرين لتخطي مشاكهم وإيجاد شغفهم في الحياة.

مقالات ذات صلة