هل تقتل الأمومة الطموح عند المرأة؟
تمر الفتاة بمراحل مختلفة خلال حياتها، والفارق الأكبر الذي قد يغيّر كل ما قبله، هو دخولها عش الزوجية، ومن ثم الأمومة، لتكون أمام خيارين صعبين، إما أن تختار الأمومة وتربية الأطفال على حساب حياتها وطموحها في التعليم والعمل، وإما العكس. هذه المشكلة، يحلّها "التوازن" الذي هو كلمة السر حلّ كثير من المشاكل.. في هذا المقال في أمومة، سنتحدث عن علاقة الطموح بالأمومة.
دور العائلة
إن ذاكرة الطفل لا تتسع إلا لذكريات الحبّ ودفء العائلة، وإنّ ما يخفف عن الأبناء مصاعب الحياة هي ذكرى لمسات أمهم الحانية وخوفها عليهم، سيحفظون لها جميل وجودها بجانبهم عند احتياجهم، قربها منهم واحتضانها لهم وإنصاتها لشكاويهم الطفولية، صبرها على طيشهم وأخطائهم، سيتذكرون ذلك الأب الصبور، الذي يأخذ بيدهم من معلم إلى معلم، ومن درس إلى آخر حرصاً منه على تعليمهم، سترتسم على وجوه الأبناء ملامح البسمة عندما يستذكرون مجالس العائلة على الطعام واجتماعهم في المناسبات وسماع القصص وحرص والديهم الشديد على تلك المجالس العائلية، على الرغم من مشاغلهم وهمومهم الكثيرة، ستمحى من ذاكرتهم تلك الساعة الباهظة والألعاب الغالية والمتنوعة والثياب الفاخرة التي ستبلى، لأنهم سيكبرون لامحالة، وستصغر تلك الأشياء في أعينهم، ثم سيجدون ذاكرتهم خاوية يبحثون في طيّاتها عن دفء العائلة واحتوائها وملامح الأب والأمِّ المحبين.
الطموح عند الأم
سعى الإنسان بكل السبل إلى تحقيق طموحاته، وتختلف الأولويات من شخص لآخر، خاصة عندما يتعلق الأمر بفتاة، والتي ترتبط أهدافها بظروف معينة وأوقات محددة
بعد الزواج، تبدأ الفتاة مرحلة جديدة من حياتها، مختلفة عن كل ما سبق، وبالتالي تختلف اهتماماتها، وكلما كان هدفها قوياً، وذا أولوية بالنسبة لها، كلما كانت أكثر قدرة على تحقيقه، رغم المسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتقها بعد زواجها.
في حين قد تواجه الفتاة ضغوطاً عائلية أو مجتمعية بعد الزواج تحول دون تحقيق طموحتها، وهنا تجد نفسها بين خيارين، فإما أن تقاتل حتى النهاية، وإما أن تتنازل عن ذاتها وعن طموحها استجابة لتلك الضغوط.
ومع مرور الوقت، قد تضطر الأم للتضحية ببعض هذه الأولويات، في سبيل تحقيق بعض التقدم في طموحاتها، ولكنها لن تستطيع أن تنجز ما تريده بكفاءة عالية بسبب تشتت اهتماماتها، وإن لم تنجح تضطر للتنازل عن كل شيء، وتبدأ في التأقلم مع معطيات الزواج والحياة الجديدة وما نتج عنها من أبناء ومسؤوليات جديدة، دون الالتفات لطموحها الشخصي.
خلاصة القول، إن التوازن هو الحل، فعلى السيدة أن توازن بين طموحاتها الشخصية، وبين مسؤولياتها كزوجة وأم، وقد تتنازل عن بعض الأمور لصالح أخرى، حسب حالتها، وبذلك لن تكون الأمومة ليست عائقا في طريقة الطموح.
مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الأمهات تضطر للعمل أو استكمال دراستها بعد الزواج بهدف توفير حياة أفضل لأسرتها؛ بسبب ضيق الأوضاع المالية التي يعيشها الأغلب عموماً.
إن ضمان أمن الأسرة واستقرارها يُعدّ من أهم الأسباب التي تبيح للمرأة بعض ما يرفضه المجتمع والظروف أحياناً، كالعمل، وهو ما يفتح أمامها المجال لتساعد عائلتها من جهة، وتحقق طموحها وتطور من نفسها من جهة ثانية.
تجربتي الشخصية مع الطموح والأمومة
من خلال تجربتي كأم عاملة، لقد واجهت تحديات كثيرة في مسيرتي المهنية، لم أتنازل عن طموحي، بل كان دافع التحدي يكبر أكثر وأكثر مع الوقت؛ لأنني أرغب بأن أزرع في أطفالي قيمة التحدي والمواجهة وأهمية التوازن والتنظيم والعمل والإنجاز، فقمت بتوجيه السبيل إلى منحى يتناسب مع ظروفي العائلية، من خلال البحث عن المهام التي يمكن تحقيقها من خلال العمل عن بُعد، أو التركيز على مشاريع خاصة تساعدني على تلبية طموحي من جهة والتواجد مع عائلتي من جهة أخرى من خلال إمكانية التحكّم بأوقات العمل.
إن نجاح المرأة في تحقيق طموحها لا ينعكس على الأسرة بشكل إيجابي فقط، وإنما أيضاً على المجتمع ككل، مما يُنشئ لنا شخصيات إيجابية تمتلك القدرة على العطاء بشكل أكبر.
عزيزتي المرأة، تبدو مهمة الأم الطموحة سواء بمجال الدراسة أو العمل على قدر كبير من التحدي، وعلى السيدات إدراك حجم المسؤولية والصعوبة المترتبة عليهن في كلا الجانبين ودراسة أبعاد الخطوة، وأنها على ثقة منها.
اقرئي أيضًا صعوبات الأم العاملة في سوق العمل
