تجربتي مع جروب الأمهات الذي أصبح مجتمعًا متكاملًا

دائمًا ما نحتاج إلى إيجاد المعلومات بسهولة، ولسماع تجارب الآخرين، كما نحتاج نحن معشر الأمهات للدعم وللصداقة الخالية من الأحكام، والمبنية على القواسم والمشاعر المشتركة. هذا ما حققته من خلال تأسيسي وإدارتي جروب ملتقى الأمهات في الإمارات لما يقارب العشر سنوات. وفي هذا المقال سأشارك تجربتي مع تأسيس مجتمع داعم للأمهات.

لانا قاعاتي
لانا قاعاتي
تاريخ النشر:Feb 25th 2024 | تاريخ التعديل :Mar 10th 2024
جروب الأمهات

لماذا أسست جروب للأمهات على فيسبوك؟

أسست مجموعة ملتقى الأمهات في الإمارات على منصة فيسبوك قبل حوالي عشر سنوات، وكان السبب وراء ذلك أنه لم يكن هناك مجموعة مماثلة تضم الأمهات المقيمات في الإمارات، حيث يمكن أن يلتقين افتراضيًا وطرح أسئلتهن، واستفساراتهن، وحتى طرح مشاكلهن، وطلب المساعدة. وكنت أنا بحاجة إلى وجود دائرة دعم ومجتمع داعم حيث تتوفر فيه المعلومات والنصائح التي تحتاجها الأم خصوصًا، وإن كانت مقيمة في بلد بعيدًا عن أهلها وأصدقائها الذين نشأت معهم. وتحولت فيما بعد لقاءاتنا الافتراضية لعدة لقاءات وجاهية، بعدة مناسبات، ولعدة نشاطات على مدار العام.

التحديات

لم أواجه في البدايات أي تحديات تقنية، أو من حيث الفكرة؛ لأنه كان لدي خبرة مشابهة بمجموعة مشابهة كنت قد أسستها أثناء إقامتي في كندا. والتي انتقلت أيضًا من كونها مجتمعاً افتراضياً فقط إلى لقاءات وجاهية وتعارف مع من كنا نحدثهم من خلف الشاشات. وهنا بدأت بعض التحديات بالظهور مثل:

لقاء الغرباء

لعل هذه اللقاءات الوجاهية كانت هي التحدي الأكبر في بدايات ملتقى الأمهات، حيث إن فكرة لقاء أمهات أخريات نعرفهن فقط على فيسبوك لم تكن أمرًا رائجًا، ولم تعتد السيدات التعرف والحديث مع أخريات تعارفن عليهن عبر مجموعة افتراضية، ولم يكن بينهن أي خيط تعارف. ولكن لم يشكل هذا التحدي عائقًا، أمام اللقاءات العديدة التي نتج عنها صداقات دامت لسنوات، وستدوم لبقية العمر على ما يبدو.

الاختلاف لا يفسد الود

من التحديات الأخرى هي وجود اختلافات كثيرة في الخلفية اللغوية، فالمجموعة موجهة للأمهات العربيات، لذلك يجب أن يكون المحتوى المقدم باللغة العربية، وواجهت أنا شخصيًا تحديًا في إيجاد معلومات بالعربية أقدمها للأمهات، حيث كانت المصادر التي ألجأ إليها للحصول على المعلومات كلها باللغة الإنجليزية. كما أن اختلاف اللهجات، وتفاوت القدرات في الكتابة باللغة العربية بين أعضاء المجموعة كان أحيانًا يشكل بعض الصعوبة، التي تخطيناها مع مرور الوقت واعتيادنا على قراءة الأسئلة والتعليقات بلهجات عربية مختلفة. وساعد على وجود انفتاح واندماج بين الأمهات من بلدان عربية مختلفة، ولم تعد دائرة أي أم من المعارف والصديقات تقتصر على بنات بلدها فقط، بل أصبح هناك انسجام واندماج وعلاقات متناغمة بين الأمهات العربيات من مختلف البلدان.

آداب الحديث على المجموعات الافتراضية

لعل التحدي الأكبر الذي قد نشهده في أي جروب على منصات التواصل الاجتماعي هو سوء التفاهم، الذي قد يصل في بعض الأحيان لنقاش مشحون. وهو في الحقيقة أمر واجهته عدة مرات في جروب ملتقى الأمهات، ولكن هذه الظاهرة في تراجع وتناقص مستمر. وذلك بسبب زيادة الوعي لدى الأمهات بآداب الحديث على منصات التواصل، ولأن المجموعة التي أسستها وأديرها مقتصرة على من هن متواجدات في الإمارات لكي يكون هناك قاسم مشترك بين أعضاء المجموعة. فلم أرغب بوجود مليون عضو في المجموعة من أماكن مختلفة حول العالم، وآثرت أن يكون العدد محدودًا، وأن يكون هناك انسجام على أن يكون العدد كبيرًا، وانتشار سوء الفهم خلال النقاشات. بالإضافة إلى أني كمديرة للمجموعة أتدخل عندما يحتد النقاش لأصلح وأقارب وجهات النظر، وإن لم ينفع الحوار اضطر لإغلاق التعليقات أو حذف المنشور الذي يسبب المشاحنة.

المواضيع التي تهم الأمهات

لدى الأمهات تعطش للمعلومات، ومشاركة التجارب عن كل الموضوعات، من موضوعات الأمومة والحمل، والولادة، والرضاعة، للحياة الزوجية، وحتى الطبخ والغسيل. خصوصًا عند وصولهن من بلادهن إلى بلد جديد يحتجن الكثير من المعلومات والتوجيه، وسماع التجارب عن كل شيء.

فنحن كائنات اجتماعية، سواء كنا نساء أو رجالاً، نفضل أن نسمع تجارب شخصية من غيرنا على أن نحصل عليها من محرك بحث. كما أنه كان في بدايات الملتقى شُح في المحتوى العربي على الانترنت، فكانت وما زالت مجتمعات الأمهات هي الوجهة المفضلة لمن يردن المعلومات والتجارب.

وجود الخبراء

دائمًا أسعى لاستضافة الخبراء سواء الموجودون في المجموعة ليجيبوا عن الأسئلة، ولتقديم النصائح، أو استضافتهم في لقاءات افتراضية أو وجاهية للتفاعل مع الأمهات وتقديم الفائدة من مجال تخصصهم. لزيادة الوعي، وتقديم المعلومة السليمة بشكل مباشر بدلًا من الحصول عليها من مصادر ثانوية والوقوع في خطأ سوء التفسير. وللتخلي عن بعض المعلومات المغلوطة التي نتوارثها.

في بعض الأحيان يكون من الصعب على الخبير الإجابة على التساؤلات بشكل مستمر عبر المجموعة بسبب شدة انشغالهم. لذلك من المهم تنظيم تواجد الخبير أو الخبيرة بأوقات محددة، أو من خلال نشر حسابات الخبير على السوشيال ميديا.

جروب الأمهات مصدر الصداقات

كان وما زال هذا الجروب مصدراً لعدة صداقات لي شخصيًا وللكثير من الأمهات المتواجدات على هذه المجموعة. حيث تسببت الأسئلة، والحوارات في الكشف عن تجارب ومشاعر مشتركة لأمهات تعارفن افتراضيًا، وأصبحن أعز الصديقات فيما بعد. 

لانا قاعاتي
لانا قاعاتي متحدثة تحفيزية ومستشارة الحياة المهنية

لانا أم لطفلين وخريجة جامعة مكجيل في كندا. هي مؤسسة ملتقى الأمهات في الإمارات، مجموعة اجتماعية تربط بين السيدات الوافدات المقيمات في الإمارات، وتقدم لهن الدعم خلال رحلة الأمومة. لانا أيضًا مستشارة للأهل وسفيرة للمسؤولية الاجتماعية.

مقالات ذات صلة