ما هو التوحد عند الأطفال؟ وما هو علاجه؟

التوحد أو ما يعرف بطيف التوحد من الحالات التي أصبحت تصيب الأطفال من مختلف الأعمار بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. سأوضح في هذا المقال تعريف التوحد عند الأطفال، وأعراضه وأفضل طرق العلاج الحديثة.

Mona Youssri Psychologist
الدكتوره منى يسري
تاريخ النشر:Jan 25th 2024 | تاريخ التعديل :Oct 10th 2024
كل شيء عن التوحد عند الأطفال

ما هو التوحد؟

اضطراب طيف التوحد، هو اضطراب عصبي نمائي يسمى طيفًا لشدة اختلاف درجاته؛ مما تجعل أعراضه مختلفة من حالة لأخرى. ولكن هناك سمات مشتركة لدى أطفال التوحد، ولكن ليست هي السمات الشائعة مثل عدم التواصل البصري، وضعف التواصل الكلامي وهي علامات شائعة لدى الأطفال اليوم؛ بسبب فرط استخدام الشاشات. إحدى العلامات التي قد تبين إصابة الطفل بطيف التوحد هي طريقة اللعب المختلفة عن غيره من الأطفال، فلا يلعب بالخيال، ويكرر الحركات، ويلف ألعابه بطريقة نمطية، أو قد يرتب الألعاب.

من الجدير بالذكر أنه لا يعرف سبب هذا الاضطراب حتى الآن، هناك الكثير من النظريات التي لم تثبت أي منها بعد.

تشخيص التوحد عند الأطفال

لا يمكن تشخيص التوحد عند أي طفل إلا على يد المختصين بالصحة العقلية ونمو وتطور الأطفال، الذين يقومون بإجراء تقييمات أشهرها تقييم كارس وتقييم إيدوس وهو الذي اعتبره أكثر دقة بناء على خبرتي. وحتى بعد إجراء التقييم، خصوصًا في عمر مبكر أنصح دومًا بإعادة التقييم مرة أخرى بعد ستة شهور قبل التشخيص النهائي.

هناك تقييم يجريه أطباء الأطفال على عمر سنة ونصف، والذي يوضح ما إذا كان الطفل لديه علامات طيف التوحد، خصوصًا مع وجود أعراض مثل تأخر الكلام، وعدم التواصل البصري، ورفرفة الأيدي، ودوران الطفل حول نفسه وتدوير الطفل لألعابه.

علاج التوحد عند الأطفال

يمكن البدء بالعلاج المبكر في هذا العمر، حتى قبل وجود تشخيص نهائي. حيث يمكن أن يكون العلاج بسيطًا يقتصر على إرسال الطفل للحضانة لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين، أو الخضوع للعلاج السلوكي التطبيقي. مع علاج وظيفي وعلاج للنطق.

أود أن أؤكد على أهمية التدخل المبكر، في عمر سنة ونصف أو سنتين، وفاعليته في تحسين حالة الطفل حتى وإن لم يتم تشخيصه بطيف التوحد، بل أحيانًا يسبب التشخيص حالة من الإنكار عند الأهل فلا يباشرون بعلاج الطفل فورًا.

فلقد شهدت عدة حالات خلال عملي لأطفال خضعوا للعلاج المبكر من طيف التوحد، وعاشوا بعدها حياة مثل غيرهم من الأطفال مع وجود ضعف طفيف في التواصل، والمهارات الاجتماعية وهي ما نعمل على تحسينها أيضًا.

مما يفطر القلب في الكثير من الأحيان، هو عدم تغطية أغلب التأمينات الصحية جلسات العلاج السلوكي الخاصة لطيف التوحد. وهي برأيي من حق أي طفل لديه أي اختلاف، أو اضطراب. هناك بعض التأمينات الصحية التي قد تغطي العلاج الوظيفي، وعلاج النطق فقط بينما يحتاج طفل التوحد لعدة أنواع من العلاج.

يختلف علاج طيف التوحد باختلاف حالة الطفل والأعراض التي يعاني منها الطفل، وأبرز الطرق التي نوصي بها كخبراء بالصحة العقلية للأطفال هي: 

  • التوقف عن مشاهدة الشاشات لعدة شهور. 
  • الالتحاق بالحضانة أو الروضة، بحسب عمر الطفل.
  • الخضوع لجلسات علاج وظيفي إن كانت حالة الطفل تستدعي.
  • البدء بجلسات علاج النطق، إن كان الطفل لديه أي تأخر.
  • الخضوع لجلسات علاج سلوكي تطبيقي.
  • تعليم الطفل التواصل بالطرق غير الكلامية إن كان غير قادر على الكلام.
  • التواصل مع المدرسة، والتعاون مع المدرسين، لتطبيق طرق علاج، وأنشطة تساعد على تحسين مهارات الطفل. 

درجات طيف التوحد

أقل درجة من طيف التوحد هي التي تتسم بوجود صعوبة في التواصل الاجتماعي بحيث لا يقول الشخص الكلام المناسب في الوقت المناسب. وقد يكون الطفل على طيف التوحد يفضل الانعزال، وعدم التواصل مع الآخرين من أطفال آخرين أو الأهل ولديه ضعف في المهارات الاجتماعية.

بينما تتصف أعلى درجات التوحد بمشاكل أكبر مثل عدم القدرة على الكلام.

لا يعاني جميع أطفال التوحد من مشاكل في الذكاء، بل إن بعضهم يتمتع بذكاء خارق مثل أينشتاين الذي كان مصابًا بالتوحد أيضًا. لذلك يستخدم اليوم مصطلح القدرات الخاصة بدلًا من الاحتياجات الخاصة على أطفال التوحد.

ازدياد حالات توحد الأطفال

في سنة 2000 كان طفلًا واحدًا من بين 150 أو 160 طفلاً يتم تشخيصه بالتوحد، وفي عام 2010 طفل من كل 68 يُشخص بالتوحد، وفي 2018 كان واحد من كل 44، وفي أحدث الإحصائيات في عام 2021 شُخص طفل واحد من بين كل 36 طفلاً باضطراب طيف التوحد في الولايات المتحدة الأمريكية.

نحن نشهد تزايداً في حالات التوحد، وفي الأغلب يعود ذلك بسبب زيادة التشخيص، والفحوصات المبكرة.

تقلق الأمهات أحيانًا من تأثير الشاشات، وما إذا كانت تسبب التوحد، بينما لم يثبت علميًا بأنها تسبب الإصابة بالتوحد، إلا أنها تسبب تأخراً في النطق، وفي تطور مهارات الطفل الاجتماعية. لذلك يوصي المختصون بصحة الأطفال بعدم تعريض الأطفال للشاشات إطلاقًا قبل عمر الثلاث سنوات.

مضاعفات التوحد عند الأطفال

من أكثر المضاعفات هي احتمالية إصابة طفل التوحد باضطراب القلق، أو بالاكتئاب. خصوصًا عند المراهقين، ويكون هناك صعوبات في علاج هؤلاء الأطفال والمراهقين، بسبب صعوبة التواصل والتعبير لديهم.

وللأسف أكبر أسباب هذه المضاعفات، هي تعرض هؤلاء الأطفال للتنمر، والمعاملة السيئة ممن حولهم. بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم كغيرهم من الأطفال.

لذلك نوصي لحصول طفل التوحد على علاج نفسي، حتى وإن لم يكن لديهم مشاكل نفسية، لمساعدة الطفل على التعبير عن مشاعرهم، ومشاركة أي مشاكل يعانون منها مع الأخصائي النفسي المختص بعلاج الأطفال. مع ضرورة التأكيد على أن العلاج النفسي ليس أمرًا يستدعي الخجل، ومن المهم أن نجعله خصوصًا عند أطفال التوحد إجراء روتينياً تمامًا كمراجعة طبيب الأسنان كل ستة شهور للاطمئنان على صحة الأسنان، ومراجعة طبيب العيون في بداية العام الدراسي. للوقاية من أي مضاعفات نفسية، ولعلاجها مبكرًا إن وجدت.

وهذه دعوة لجميع الأمهات لاعتياد زيارة أخصائي الصحة النفسية للأطفال، والمراهقين، كل ستة أشهر أو كل سنة كإجراء وقائي، وعلاجي إن احتاج الأمر. فطفولة أطفالنا غير طفولتنا، وتحتاج الأم لمشورة وتوجيه الخبراء، لإعانة أطفالها على مواجهة التحديات المختلفة التي يواجهها الأطفال اليوم. وقد يحتاج الطفل للعلاج بسبب توتر من الدراسة، أو بسبب تعرضه للتنمر.

وأود التنويه أن زيارة الأخصائي النفسي، لا تعني بالضرورة زيارات وجلسات متكررة، فقد يحتاج الأخصائي للجلوس مع الطفل والأهل جلسة أو جلستين، ثم يعطي توصياته للأهل وللمدرسة فقط.

كلمة أخيرة

أود من المجتمع تقبل الأطفال ذوي القدرات المختلفة، والتعاطف معهم ومع ذويهم، وخصوصًا مع أمهاتهم. كما نتقبل اختلافاتنا في الشكل، وغيرها دعونا نتقبل ونتعاطف مع كل أنواع الاختلافات لدى الأطفال.

 

اقرئي أيضًا  فرط الحركة وتشتت الانتباه: الأعراض والعلاج

Mona Youssri Psychologist
الدكتوره منى يسريأخصائية علم النفس الاكلينيكي

الدكتورة منى أخصائية علاج نفسي، ومستشارة علاقات أسرية تعمل في المستشفى السعودي الألماني في دبي. وهي عضو في جمعية العلاج النفسي الأمريكية، وجمعية العلاج النفسي في الشرق الأوسط، وجمعية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين. وهي عضو دائم في الجمعية الشرفية للعلاج النفسي. وهي مدربة معتمدة، وتحمل شهادة الماجستير في علم النفس من الجامعة الأمريكية في القاهرة. من خلال عملها تقوم الدكتورة منى بتشخيص وعلاج الأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكية عن طريق العلاج باللعب، وتقنيات إدارة السلوك المختلفة. 

 

مقالات ذات صلة