فرط الحركة وتشتت الانتباه: الأعراض والعلاج

فرط الحركة وتشتت الانتباه هو السبب الرئيسي الذي نحصل عليه عند تساؤلنا عن كثرة حركة طفل، أو عدم تركيزه في المدرسة. فبالرغم من أن هذا الاضطراب موجود، ويعانيه الكثير من الأطفال، إلا أننا أصبحنا نواجه اليوم فرطاً في تشخيص هذه الحالة. سأوضح في هذا المقال المزيد عن فرط الحركة، وكيف نشخصها، وما هي وسائل التعامل معها.

Mona Youssri Psychologist
الدكتوره منى يسري
تاريخ النشر:Dec 12th 2023 | تاريخ التعديل :Apr 10th 2024
علاج فرط الحركة وتشتت الانتباه

ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

لم يكن الخبراء قبل عام 1980 على معرفة باضطراب فرط الحركة، وتشخيصه. أود أن أنوه إلى أن هذا الاضطراب لا يثير القلق، فهو ليس مشكلة تؤثر سلبًا بشكل كبير على حياة الطفل، خصوصًا في حال اللجوء إلى المختصين الذين سيقدمون الدعم والإرشاد منذ عمر مبكر. يُطلق بعض المختصين اسم "اضطراب الملل" على فرط الحركة وتشتت الانتباه، حيث يتحرك الطفل كثيرًا، ويفتقر للتركيز عندما يشعر بالملل وبعدم الاهتمام من الصف المدرسي، أو أي نشاط آخر لا يثير اهتمامه. وغالبًا ما يتميز أطفال اضطراب فرط الحركة بذكاء عال، ومهارات، وإبداع متميز. هناك بعض النظريات والاجتهادات التي تشير إلى أن طفل فرط الحركة لديه ما يعرف بجينات المستكشفين، ففضوله الزائد وحركته ونشاطه يمكن توجيهها نحو الإبداع والتميز. لذلك من المهم عدم مضايقة الطفل، من خلال التعليق سلبًا على تصرفاته المختلفة عن غيره من الأطفال. ومن المهم عدم وضع الطفل في قالب كغيره من الأطفال لتجنب إطفاء فرصة الطفل في التميز.

متى يمكن تشخيص فرط الحركة لدى الأطفال؟

لا أنصح بتقييم الطفل، وتشخيصه بفرط الحركة قبل عمر الست سنوات، وذلك لتجنب التشخيص الخاطئ وظلم الطفل، والأهل، وهو ما يحدث في الكثير من الأحيان. وقبل هذا العمر من المهم تدريب الأهل، والمدرسات في الروضة على التعامل مع حركة الطفل الزائدة، ونشاطه الزائد. بدلًا من الامتعاض من تصرفات الطفل، وهو ما يؤثر في نفسية الطفل، وعلى ثقته بنفسه مما يدفعه للتمرد، والمشاغبة ردًا على هذا الاستياء. وقد يصل هذا التمرد للإصابة باضطراب السلوك.

مثلا من بين الحالات التي مرت علي في عيادتي كان الطفل لا يهتم إلا بالنشاطات التي فيها ماء، حيث يحب مراقبة الأجسام التي تطفو على سطح الماء، أو التي تغرق، ويشعر بالتململ خلال النشاطات الأخرى. في مثل هذه الحالة يجب على المدرسة إدراج نشاط مائي خلال يوم الطفل المدرسي، كمكافأة له على حسن سلوكه وانتباهه خلال الحصص الدراسية.

أسباب الإصابة باضطراب فرط الحركة عند الأطفال

لا يوجد أي سبب واضح حتى الآن لإصابة الأطفال باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه سوى وجود بعض الأسباب الوراثية. وبالرغم من وجود نظريات حول التعرض للشاشات وتناول السكر ع أنها من أسباب الإصابة بهذا الاضطراب، إلا أن هذه العوامل تزيد أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، وليست مُسببة لها. أصبحنا نسمع بحالات أكثر من هذا النوع؛ بسبب الوعي الزائد حول هذا الاضطراب ووجود فرص أكثر للتشخيص.

ما هو علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

أول خطوة لبدء رحلة العلاج الناجحة هي مراجعة طبيب نفسي، وأخصائي علاج نفسي معتمدون ومختصون بالصحة العقلية والنفسية للأطفال، وعدم اللجوء إلى أي مصدر عبر الإنترنت. بعد الحصول على تقييم الخبراء، والحصول على تشخيص واضح وصحيح، قد يتبين من تشخيص الطبيب النفسي حاجة الطفل للعلاج الدوائي فقط، أو العلاج السلوكي مع الدوائي، أو العلاج السلوكي فقط. تختلف خيارات العلاج باختلاف الحالة؛ حيث إن هذا الاضطراب هو طيف فيه كثير من الاختلافات. ويضع بعد ذلك الفريق المختص خطة للعلاج تناسب حالة الطفل. وعادة ما تحتاج الخطة العلاجية الناجحة لتعاون الأهل، والمدرسة والمعالج النفسي. حيث يُعَلَّم الطفل مجموعة من المهارات التي تزيد ثقته بنفسه، وتساعده على التعامل مع مشاعره المختلفة، ونشاطه الزائد، واكتشاف مواهبه.

المدارس واضطراب فرط الحركة

عادة ما تبدأ رحلة الأهل في اكتشاف إصابة أطفالهم بفرط الحركة وتشتت الانتباه، بعد عدة شكاوى من المدرسة، حيث تشتكي المدرسات كثيرًا من الطالب كثير الحركة. وفي بعض الأحيان يكون الطفل فعلًا مصاباً بهذا الاضطراب وبحاجة إلى خطة علاجية من مختصين، وفي بعض الأحيان كل ما على المدرسة فعله، هو معرفة ما يساعد الطفل على التركيز وتوفيره له، من دون وضعه في قالب مع باقي زملائه. لذلك أنصح دومًا باختيار المدرسة التي تقدر الاختلافات الفردية لدى الأطفال، وتقدر على التعامل معها. ويُفضل أن تكون مدرسة قادرة ومهيئة للتعامل مع فرط الحركة.

التعامل مع أطفال فرط الحركة ليس سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا، ولكنه يحتاج إلى المرونة والتقبل لكثرة حركة الطفل، بالإضافة إلى التعاون ما بين المدرسات والمعالج النفسي. فهذا التعاون أساسي لنجاح علاج الطفل وتحسين سلوكه، وزيادة تركيزه.

أنا من مؤيدي وجود أخصائي في الصحة النفسية، أو مرشد نفسي معتمد بشكل مستمر إن لم يكن دائماً في المدارس، وذلك لتزايد مشاكل الصحة النفسية لدى الأطفال من مختلف الأعمار، خصوصًا بعد جائحة كورونا. يعاني الكثير من الأطفال من اضطرابات عديدة غير اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، حيث يعانون الاكتئاب، واضطراب القلق، وغيرها من اضطرابات الطفولة والمراهقة. مما يستدعي تدريب المدرسين على التعامل مع هذه الحالات.

 

اقرئي أيضًا الخوف عند الأطفال: أسبابه وعلاجه

 

babycare-bundle-cta-ar.webp

 

Mona Youssri Psychologist
الدكتوره منى يسريأخصائية علم النفس الاكلينيكي

الدكتورة منى أخصائية علاج نفسي، ومستشارة علاقات أسرية تعمل في المستشفى السعودي الألماني في دبي. وهي عضو في جمعية العلاج النفسي الأمريكية، وجمعية العلاج النفسي في الشرق الأوسط، وجمعية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين. وهي عضو دائم في الجمعية الشرفية للعلاج النفسي. وهي مدربة معتمدة، وتحمل شهادة الماجستير في علم النفس من الجامعة الأمريكية في القاهرة. من خلال عملها تقوم الدكتورة منى بتشخيص وعلاج الأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكية عن طريق العلاج باللعب، وتقنيات إدارة السلوك المختلفة. 

 

مقالات ذات صلة