هل يبكي طفلك عندما تخرجين من البيت بدونه؟ هل يشعر بحزن كبير، وينهار باكيًا عندما توصلينه إلى الحضانة أو الروضة في الصباح؟ لا تقلقي هذا لا يعني أن طفلك لا يحب حضانته أو روضته، أو أنه طفل مدلل. تصرف طفلك طبيعي، فهو يعبر عن حالة شائعة بين الرضع والأطفال الصغار معروفة باسم قلق الانفصال. اعرفي المزيد عن هذه الحالة، وأسبابها، وأعراضها، وكيف تتعاملين معها في هذا المقال المفصل.
قلق الانفصال هو شعور الطفل بالخوف، والقلق من ابتعاده عن والديه. وتظهر أعراض هذا القلق من خلال بكاء الطفل، وتشبثه بالأهل عند توصيله إلى حضانة الأطفال، أو الروضة أو المدرسة، أو عند مغادرة الأهل للبيت، وتركه مع الأقارب أو مع المربية.
وهو من الأعراض الطبيعية الملازمة لنمو وتطور الطفل العاطفي والاجتماعي، وبالرغم من أنه مزعج للأهل أن يروا أطفالهم يبكون، إلا أنه لا يدعو للقلق أبدًا. ويشابه هذا القلق في أعراضه، قلق الخوف من الغرباء، حيث إنه من الطبيعي أن يبكي الطفل عندما يكون بصحبة أشخاص لا يعرفهم.
قد يبدأ هذا القلق عند الأطفال بعمر ستة أو سبعة أشهر، وعادة ما يصل ذروته في عمر 14 إلى 18 شهرًا. ويتلاشى هذا القلق بالتدريج خلال مرحلة الطفولة المبكرة. قد تظهر أعراض هذا القلق عند الأطفال الرضع بعمر 4 أو 5 شهور، إلا أن أغلب الأطفال يشعرون به في عمر تسعة شهور.
يتخطى الكثير من الأطفال الرضع الشعور بقلق الانفصال خلال السنة الأولى من عمرهم، لتشتد لديهم الأعراض بعمر 15 أو 18 شهرًا. ومن الجدير بالذكر أن بكاء الطفل، وتعلقه بأهله يكون أكثر شدة عندما يكون جائعًا، أو متعبًا أو مريضًا وهي المشاعر التي يشعر بها الأطفال طيلة الوقت تقريبًا! وتظهر أعراض القلق في العمر الأكبر على شكل نوبات غضب، ونوبات طويلة من البكاء تسبب التوتر للأهل بشكل كبير.
قبل عودتك إلى العمل من إجازة الأمومة، لا تتركي طفلك في الحضانة، أو برعاية المربية فجأة. قومي بذلك بالتدريج، واتركي طفلك أول مرة لمدة ساعة، ثم زيدي المدة حتى يعتاد طفلك غيابك بالتدريج، ولا يكون الانفصال مفاجئًا وقاسيًا.
لا تستغربي وتقولي طفلي صغير لا يفهم الكلام، سيفهم من نبرة صوتك أن هناك وعدًا وبأنك تطمئنينه. أخبريه قبل خروجك، أو انفصالك عنه، وأخبريه متى ستعودين، ولا تغادري دون أن يراك طفلك، ولا تفاجئيه بالانفصال فهذا يعتبره الطفل أمرًا قاسيًا أشبه بالخيانة.
سواء كنت ستتركين طفلك بالحضانة، أو في البيت برعاية المربية، أو شخصًا من العائلة، احرصي دائمًا أن يكون مشغولًا بشيء مسل وممتع قبل مغادرتك، فذلك سيخفف وطأة الانفصال بشكل كبير.
لا تبدي ترددًا وقلقًا، وأنت تودعين طفلك، ولا تطيلي فترة الوداع. اجعلي الوداع جميلًا وسريعًا، واحتضني طفلك، وقلبيه وأخبريه عن حبك له وأنت مبتسمة وتمني له يومًا سعيدًا، وغادري، لا تطيلي البقاء فذلك لن يزيد طفلك إلا تعلقًا بك.
حتى وإن كان انفصالك عن طفلك صعبًا، ومحزنًا لك، لا تبدي له ذلك. كوني مبتسمة، وإيجابية طوال الوقت، ولا تدعي طفلك يكتشف خوفك، أو قلقك لأنه سينتقل إليه فورًا. فطفلك يستمد الطمأنينة منك.
أوصلي طفلك إلى الحضانة، أو الروضة، أو غادري إلى عملك كل يوم في نفس الوقت، وقومي يوميًا بنفس روتين الوداع. الروتين يزيل التوتر، ويقلل من قلق الانفصال عند الأطفال بشكل كبير، كما أنه يعزز من ثقة الطفل بنفسه.
اوعدي طفلك بأشياء محددة يستطيع فهمها، أخبريه أنك ستعودين بعد أن يستيقظ من قيلولته، أو بعد أن ينتهي من اللعب في الخارج، وإذا كان في عمر أكبر أخبريه عن ساعة عودتك. وافعلي ما بوسعك لكي تفي بهذا الوعد اليومي، لأن هذا الأمر أساسي لبناء ثقة طفلك بك، وزيادة شعوره بالاطمئنان بعد أن ينفصل عنك.
من النادر جدًا أن يستمر قلق الانفصال بنفس الحدة والوتيرة عند الأطفال. فهو يتراجع تدريجيًا في عمر ما قبل الروضة. ولكن إن طبقت هذه النصائح، واستمر طفلك بالبكاء والتعلق بك عندما تتركينه اطلبي الدعم من الحضانة أو الروضة، وتحدثي مع طبيب الأطفال لكي تحصلي على مشورة طبية سليمة.