أهم القيم التربوية في شهر رمضان

تهيئة الأطفال لشهر رمضان

معسكر تدريبي

هناك الكثير من العبادات المستحبة في شهري رجب وشعبان، لذلك أحب أن أشبههما بالمعسكر التدريبي الذي يؤهل لدخول شهر رمضان المبارك. فتمامًا كما نقوم بالاستعداد والتحضير لدخول أي مسابقة، أو امتحان علينا أن نستعد لدخول ونُعد أطفالنا لشهر رمضان. فلنستغل المناسبات الدينية التي تسبق شهر رمضان لنعد أطفالنا روحانيًا، ونغرس فيهم قيمًا وعبادات، ليلتزموا بها في شهر رمضان. في شهر رجب تمر علينا ذكرى الاسراء والمعراج، من أجمل طرق الاحتفال بهذه المناسبة الغالية هي رواية قصص الإسراء، والمعراج لأطفالنا كما وردت في الأحاديث. من أجمل أحاديث المعراج هي التي تروي الحديث الذي دار بين الرسول -عليه الصلاة والسلام- ورب العالمين ومن بينها التحيات التي نرددها في صلاتنا. عندما علمت هذا الحديث لبناتي أصبحن يخشعن أكثر، ويستشعرن عظمة هذه الجمل بعد أن عرفن متى قيلت للمرة الأولى.

وأنصح الأهل بالاستعداد للتعامل مع أطفالهم، وتنمية القيم التربوية الرمضانية والروحانية قبل بدء الشهر الكريم، فالاستعداد الروحاني لرمضان أكبر من تجهيز المفرزات، والسمبوسك والزينة، بل يجب أن يكون استعدادًا تربويًا شاملًا.

التعويد على الصيام

إن كان الأطفال في سن الصيام، من المهم تهيئتهم جسديًا لهذه العبادة، من خلال تشجيع صيام بعض الأيام في رجب وشعبان. فيمكن أن تعتاد العائلة صيام أيام الاثنين والخميس لكيلا يكون صيام رمضان شاقًا في البداية.

الالتزام بالصلاة

من المهم أيضًا تذكير الأطفال بالالتزام بالصلاة، وصلاة الجماعة مع الأم والأب استعدادًا لصلاة التراويح في رمضان.

تحضيرات رمضان

إشراك الأطفال في زينة رمضان، وشراء ملابس للصلاة، وسجادة صلاة جديدة من الأشياء الجميلة التي تُحمس الطفل لاستقبال شهر رمضان، وإن بدت هذه الأشياء على أنها مادية، إلا أنها ستحفز الروحانية عند طفلك.

لماذا نصوم؟

هذا السؤال من الأسئلة التي لا بد أن يسألها الطفل قبل رمضان، وتحتار الأمهات أحيانًا بالإجابة عليه، خصوصًا للأطفال ما دون سن المدرسة الذين لا يدركون بعد معنى الفرائض وأركان الإسلام.

عندما كنا صغاراً أخبرونا أننا نصوم لنشعر مع الفقراء، والحقيقة هذه الإجابة فيها بعض الإشكالية، خصوصًا أن الطفل سيرى أن الجوع مؤقت، وبعد الإفطار نأكل ما لذ وطاب، فهو لن يشعر مع الفقير؛ لأن الفقير على ما يرام ولا بد أن جوعه مؤقت هو الآخر. كما أننا لا نريد تنمية عقدة الناجي لدى أطفالنا، لأنه علينا تعويدهم على استشعار النعم وحمد الله عليها، ومشاركتها مع الآخرين من خلال الصدقات.

الصيام تهذيب للنفس، وهذا ما علينا أن نقوله لأطفالنا، أن الصيام دورة تربوية وتهذيبية تعلمنا أن نتحكم بشهواتنا، وتدرب نفسنا على الصبر، والتحمل.

وهنا أود أن أذكر تجربة نفسية وتربوية شهيرة بني عليها ما يعرف باسم نظرية المارشملو. حيث أجريت تجربة وضع خلالها حلوى المارشملو، وأخبروا الأطفال ألا يتناولونها فورًا وأن ينتظروا، فالتزم بعض الأطفال، وانتظروا حتى سُمح لهم بتناول الحلوى، بينما لم يستطع الآخرون الانتظار وأكلوها فورًا. ثم عاد الباحثون بعد عدة سنوات لمتابعة أحوال هؤلاء الأطفال الذين صاروا كباراً، فوجدوا أن اللذين تعجلوا وأكلوا الحلوى يتخذون قرارات متسرعة، وخاطئة وضعت حياتهم على مسار غير ناجح. بينما أصبح الأطفال الذين انتظروا أشخاصاً ناجحين أصحاب قرارات مدروسة ومحسوبة.

القيم التربوية في شهر رمضان

1| ضبط النفس

ضبط النفس مهارة مهمة جدًا، ورمضان أفضل دورة تدريبية تُكسبنا هذه المهارة. الجوع من المشاعر التي تُظهر أسوء ما في البشر، لذلك تنتشر العصبية والشجارات في رمضان. بينما ما يعلمنا إياه الصيام في رمضان هو ضبط النفس والسيطرة عليها، بالرغم من المشاعر السيئة التي يولدها الجوع.

2| اجتماع العائلة على مائدة الإفطار

ومن القيم التربوية في رمضان هو اجتماع الأهل معًا على مائدة واحدة وقت الإفطار، وهو ما تفتقده أغلب العائلات بقية السنة، بسبب اختلاف برامج العودة إلى البيت وكثرة المشاغل لدى الأهل. الجلوس على مائدة واحدة مرة يوميًا أمر مهم لتربية الأطفال، فهو فرصة للحديث ومشاركة التجارب، والخبرات.

3| المشاركة

المشاركة من القيم التربوية المهمة في رمضان. الصورة النمطية لدى الكثير من الأسر، أن تكون الأم منهمكة بتحضير طعام الإفطار، وتجهيز المائدة ليحضر بقية أفراد الأسرة وقت الأذان فقط. من المهم تعزيز قيمة المشاركة عند الأطفال في رمضان، وتوكيل مهام مناسبة لأعمارهم. مثل تحضير المائدة، إضاءة الزينة، تجهيز التمر والماء، والمساعدة على التنظيف بعد الإفطار. هذه المشاركة ستعزز الترابط الأسري، وسيخفف بعض الشيء عن الأم.

4| التواصل

سرعة الحياة، والانشغال ووجود الشاشات حرمتنا من التواصل المستمر مع أطفالنا، وحرمتهم من التواصل فيما بينهم، بينما يعتبر وقت الإفطار، ووقت السحور، ووقت الذهاب إلى الصلاة فرص ذهبية لزيادة التواصل بين أفراد الأسرة، وزيادة الترابط فيما بينهم.

5 | العطاء

العطاء ليس للمحتاج فقط، بل للأهل والجيران أيضًا، فمن العادات الجميلة هي مشاركة الطعام مع الجيران، وهي من صور العطاء. من المهم أن نغرس هذه القيمة لدى أطفالنا، وأن نشركهم في تنفيذها بحيث يوصلون هم أطباق الطعام للجيران، ولحارس البناية.

صوم العصفورة

يتحمس الأطفال الصغار الذين لم يُفرض عليهم الصيام، ويطلبون أن يصوموا، فيوجد ما يُعرف باسم صوم العصفورة حيث يصوم الطفل لحد آذان الظهر ويفطر، ليشعر أنه أنجز وصام كالباقين ولو لساعات قليلة. وهو تدريب جميل، ولكن يُفضل أن يكون منذ آذان العصر، أي بعد تناول طعام الغداء، ليُفطر الطفل مع الأسرة عندما يحين آذان المغرب. بحيث يشعر الطفل أنه يُشارك الأسرة فرحة الإفطار، والدعاء عند سماع الأذان.

اقرئي أيضًا خطوات تنمية الوعي المالي عند الأطفال