حساسية الطعام عند الأطفال: ما لا يخبرك به أحد من قبل

إذا كنت أم لرضيع فلا بد أن يومك لا يخلو من بكاء متواصل، أو تقيؤ، أو صعوبة في النوم، أو مشاكل الجهاز الهضمي كالإمساك والإسهال. ولا بد أن الكثيرين أخبروك أن هذا طبيعي، وأن الأطفال هكذا في أول أشهر من حياتهم. بينما قد يكون هناك عدة أسباب لهذه المشاكل، وقد تكون حساسية الطعام أحدها، لذلك سأوضح في هذا المقال كل ما تحتاج الأمهات الجدد معرفته عن حساسية الطعام عند الأطفال لحماية أطفالهن، وللحصول على العلاج المناسب.

أخصائية حساسية طعام
دانا الصلاح
تاريخ النشر:Aug 11th 2023 | تاريخ التعديل :Apr 10th 2024
حساسية الطعام �عند الأطفال

ما هي حساسية الطعام؟

هي ردة فعل الجهاز المناعي لعنصر غذائي معين في أغلب الأحيان يكون بروتين غذائي. بحيث يعتبر جهاز المناعة هذا العنصر أنه جسم غريب تمامًا كما يتعامل مع الفيروسات، والبكتيريا، ويبدأ بالدفاع عن نفسه ومحاربة هذا الجسم. وخلال ذلك تظهر ردود أفعال مختلفة على الجسم بعضها بسيط، وبعضها خطير.

أعراض حساسية الطعام

قد تظهر الأعراض على شكل

أعراض جلدية

  • طفح جلدي.
  • حكة في الجلد.
  • احمرار في البشرة.

أعراض في الجهاز الهضمي

أعراض في الجهاز التنفسي

  • سعال شديد.
  • تورم في الحلق، وانسداد مجرى التنفس.
  • ضيق في التنفس.

أعراض جهاز الدوران

  • شحوب اللون.
  • الشعور بالإعياء.
  • زرقة البشرة.
  • هبوط في الضغط.
  • تسارع ضربات القلب.

ومن الجدير بالذكر أن ردة فعل الجسم قد تختلف من شخص لآخر، وتختلف أيضًا لدى الشخص نفسه.

الصدمة التحسسية

ولعل أسوأ الأعراض وأكثرها خطورة هو حدوث الصدمة التحسسية Anaphylactic shock، وقد تحدث بسبب أي نوع من الطعام، وليس فقط من المكسرات والفول السوداني كما يعتقد البعض. وتحتاج هذه الصدمة لتدخل طبي مباشر وحقن المصاب بالأدرينالين المعروف أيضًا باسم إبينيفرين   Epinephrine لإيقاف تطور الأعراض. ومن ثم نقل المصاب فورًا للمستشفى لتلقي العلاج المناسب. وهنا أرغب أن أنوه بأن الذهاب للمستشفى بعد الحصول على جرعة الأدرينالين المنقذة، هو للمتابعة والتأكد من عدم وجود أعراض أو مضاعفات، وليس كما يظن البعض بأن إبرة الأدرينالين خطرة على الصحة، ويجب علاج تأثيرها. فهي آمنة لأغلب الأشخاص المتمتعين بصحة جيدة، ولا يفضل التردد في إعطائها للمصاب فعند الإصابة بالصدمة التحسسية كل ثانية لها أثر لإنقاذ حياة المصاب.

وأود التنويه أنه من المهم على الأهل التدرب على إعطاء هذه الحقنة، باستخدام حقنة التدريب التي تباع عادة مع الإبرة التي تحتوي الدواء. بحيث إذا اضطروا إلى استخدامها لا تكون هي المرة الأولى التي يستخدمونها مع الطفل.

وأود أن أذكر حادثة مررت بها شخصيًا لتكون دليلًا على عدم ضرر هذه الإبرة. لطالما تساءلت كأي أم يعاني أطفالها من الحساسية، ما هو شعور الحصول على هذه الإبرة في حال اضطررت لاستخدامها مع أحد أطفالي الذين يعانون من حساسية الطعام. وخلال حديث مع إحدى صديقاتي، ومحاولة مني لأثبت لها بأن الإبرة آمنة ولا داعي لأن تخاف من إعطائها لطفلها إن استدعى الأمر حقنت نفسي باستخدام إبرة التدريب وهي خالية من المادة الدوائية، والتي أحملها معي دائمًا. وإذا بي ودون أن أنتبه حقنت نفسي بالإبرة الفعلية، وحصلت على جرعة أدرينالين لم تسبب لي أي أعراض جانبية سوى نوبة ضحك على غلطتي هذه 😊

هل الحساسية وراثية؟

قد يكون هناك عوامل وراثية تزيد من احتمالية الإصابة بحساسيات الطعام المختلفة، ولكن لا يوجد لغاية اليوم أي فحص يكشف وجود جين معين مسؤول عن توريث الحساسية للطفل.

هل حساسية الطعام عند الأطفال شائعة؟

لقد تزايدت حالات الإصابة بحساسيات الطعام المختلفة في العشر سنوات الأخيرة بنسبة 50%. ولا يوجد سبب واضح أثبتته الدراسات العلمية والأبحاث الطبية لهذا الارتفاع الكبير. ولكن هناك العديد من الفرضيات مثل فرضية النظافة المفرطة، والتي تقلل من الجراثيم المحيطة مما قد يجعل جهاز المناعة أشد حساسية للمؤثرات الخارجية. وقضاء الأطفال وقت أقل في اللعب في الخارج، وبالاحتكاك بالطبيعة، وبالتعامل مع الحيوانات الأليفة. بالإضافة إلى زيادة التلوث، والتغير المناخي، واعتمادنا على كل ما هو مصنع وابتعادنا عن الأشياء الطبيعية في كل جوانب حياتنا. 

تشخيص الحساسية

لو خضع أي شخص لفحوصات الحساسية المختلفة لا بد أن تظهر لديه حساسية لشيء ما حيث إن نسبة دقة هذه الفحوصات تتراوح بين 40 و60% وبالرغم من أهميتها في التشخيص لا يمكن الاعتماد عليها فقط دون مراقبة الأعراض، وردة الفعل لمسببات الحساسية. بالإضافة إلى استشارة الطبيب المختص بالحساسية والمناعة الذي سيجري تقييمًا شاملًا مع تحاليل وفحوصات للوصول لتشخيص واضح، ووضع خطة للتعامل مع هذه الحساسية.

الرضاعة الطبيعية والحساسية

قد تظهر أعراض الحساسية على الأطفال الرضع إن تناولت الأم طعام يتحسس منه الطفل، وقد لا تظهر هذه الأعراض خلال فترة الرضاعة الطبيعية لتظهر لاحقًا عند البدء بتناول الطعام الصلب. لا يمكن الجزم بمدى تأثير مسببات الحساسية على حليب الرضاعة الطبيعية، فيختلف ذلك من طفل لآخر.

وأود التنويه بأن حليب الأم يساعد على تقوية المناعة، وتقوية الميكروبيوم، والأمعاء. وصحة الطفل بشكل عام.

الحساسية عند الأطفال الرضع

أكثر أنواع حساسيات الطعام شيوعًا بين الرضع هي حساسية بروتين حليب البقر. وقد تبين أن 50% من الأطفال الرضع الذين يعانون من حساسية حليب البقر يعانون أيضًا من الصويا. ومن أبرز حساسيات الطعام أيضًا الحساسية من البيض، والقمح أيضًا.

من الجدير بالذكر أن أغلب حساسيات الرضع لا تسبب صدمات حساسية، وتزول بعمر السنة، أو سنتين أو على عمر الثلاث سنوات.

أعراض حساسية حليب البقر عند الرضع

  • ارتجاع مريئي.
  • براز مخاطي.
  • وجود القليل من الدم في البراز.
  • بكاء متواصل.
  • مغص.
  • إسهال.
  • رفض الرضاعة.
  • تقيؤ مستمر، خصوصًا بعد تناول الحليب.

الوقاية من حساسية الطعام

بينت بعض الدراسات الحديثة بأن تقديم مسببات الحساسية في عمر مبكر للأطفال الرضع في عمر أقل من سنة يقلل من احتمالية إصابة الطفل بحساسيات الطعام. مع مراقبة الأعراض والتوقف عن إعطاء الطفل أي طعام يسبب له أعراض مزعجة.

علاج حساسية الطعام عند الأطفال

لا يوجد حتى اليوم علاج موحد ومعتمد لعلاج حساسية الطعام عن الأطفال والرضع. هناك العديد من العلاجات التي لا زالت تخضع للتجارب المخبرية والسريرية، والتي تنتظر موافقة الجهات المسؤولة. ولا تزال طريقة التعامل مع حساسية الطعام عند الرضع والأطفال هو تجنب مسببات الحساسية. واتباع حمية صديقة للحساسية بمساعدة أخصائية بالحساسية، حيث إنه أمر مجهد، ويحتاج إلى الكثير من التخطيط والحصول على دعم الخبراء أساسي للنجاح بهذه الحمية.

كلمة أخيرة

أود أن أقول للأمهات الجدد أن يصدقن حدسهن باستمرار، وألا يتجاهلن أي أعراض تظهر على أطفالهن الرضع. ومراجعة الأطباء والمختصين، والحصول على المعلومات من مصادرها الموثوقة وعدم الاكتفاء بتجارب الأمهات الأخريات. فحساسية الطعام يمكن أن تمر بسلام، وأن يقتصر الأمر على احمرار بسيط بالجلد، وقد يسبب صدمة تحسسية تؤدي إلى الاختناق أو أعراض أخرى خطيرة فلا يجب الاستهانة بهذه الحساسية أبدًا، مع عدم الخضوع للرعب من الطعام فالحل بسيط وهو الابتعاد عن مسببات الحساسية.

 

اقرئي أيضًا ما هي فوائد الغذاء الصحي لك ولأسرتك؟

 

babycare-bundle-cta-ar.webp

أخصائية حساسية طعام
دانا الصلاح أخصائية في حساسيات الطعام

دانا أم لثلاثة أطفال، وقد مرت مع أطفالها بتجربة حساسية الطعام، مما حفزها للاختصاص في التغذية الخاصة بحساسيات الطعام، والعلاج المعرفي السلوكي لمساعدة الأهل على تخطي هذا التحدي. أسست دانا شبكة حساسية الطعام في الأردن ومؤسسة Allerliving المعنية بالتوعية والتدريب في مجال حساسية الطعام. لدى دانا شغف كبير في عملها، وأخذت على عاتقها زيادة الوعي، والإرشاد في مجال حساسية الطعام، وكأنها رسالتها في الحياة. وقد حصلت على عدة جوائز كتقدير لجهودها وتفانيها في المجال التوعوي عن حساسية الطعام، وهي عضو في العديد من الهيئات والمنظمات المحلية، والعالمية المعنية بشؤون حساسية الطعام.

مقالات ذات صلة