سرطان الثدي وأهمية التواصل مع الجسد، والعقل، والنفس

بالرغم من كثافة حملات التوعية عن سرطان الثدي، والكشف المبكر، والوقاية، والعلاج. إلا أن الاهتمام بالمشاعر، والأثر النفسي والعاطفي لهذا المرض على المرأة، وأسرتها يكاد يكون غير موجود. والحديث عن ذلك يكاد يكون معدومًا، بالرغم من أهميته في رحلة التعافي من هذا المرض للمريضة، ولأسرتها على حد سواء. سأشارك في هذا المقال تجربتي مع سرطان الثدي، ورحلة العلاج والتعافي. ودوري كمدربة حياة، والدعم الذي أقدمه لمريضات السرطان في رحلتهن مع هذا المرض.

ريم الصويغ
ريم الصويغ
تاريخ النشر:Sep 15th 2023 | تاريخ التعديل :Nov 10th 2024
سرطان الثدي

رحلة التشخيص والعلاج

بسبب وجود تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي، حيث إن والدتي -رحمها الله- أصيبت بهذا السرطان، فكنت أخضع بشكل دوري لفحص الأمواج الصوتية، وفحص الماموغرام. وقبل تشخيصي بحوالي عشر سنوات بدأت ألاحظ خروج إفرازات من الحلمة، بدأت بعد ولادة أصغر أولادي. وكانت نتائج الفحوصات تبين وجود أنسجة كثيفة في الثدي، ولم ير الأطباء أي أثر للسرطان، أو أي دواعي للقلق. بالرغم أن هذه العلامات كانت من العلامات التي تُعتبر ناقوس خطر، والتي تستدعي المزيد من الفحص، وهنا أود التوقف لأنوه على أهمية متابعة مثل هذه الأعراض، وعدم تجاهلها والسعي للحصول على رأي ثاني.

في رمضان من عام 2018 لاحظت وجود كتلة في صدري، ولاحظت تغيراً في شكل صدري مع عدم وجود أي ألم. فتوجهت لإجراء فحص بالأمواج الصوتية، ولكن الأخصائية أكدت أنه لا وجود لأي ورم. ثم توجهت لطبيب آخر الذي شخص الحالة على أنها سرطان في الثدي، وأعاد فحص الألتراساوند، وفحص الماموغرام، وخزعة ثدي وتأكد تشخيصي بسرطان الثدي.

وتعجل الطبيب بقرار العملية، وأخبرني بضرورة إجراء استئصال الثديين بعد يومين، دون إجراء المزيد من التحاليل. لم أشعر بالراحة لإجراء عملية بهذا الحجم على عجالة، فترويت حتى أحصل على آراء أخرى، وخطة علاجية أكثر وضوحًا. وهنا أود التوقف على الضغط الذي يقع على مريضة السرطان من الأطباء، والعائلة أحيانًا، والطلب منها اتخاذ قرار سريع، وهي تحتاج إلى التفكير، والبحث، والاقتناع بخطوات العلاج القادمة. لذلك أنصح بالتروي عند الحصول على مثل هذا التشخيص، والبحث عن آراء طبية، وخطط علاج أخرى، واختيار مقدم الرعاية الذي يشرح كل شيء بالتفصيل دون ضغط.

بعد ذلك أرسلت تقاريري الطبية إلى أوروبا حيث أخبرني الأطباء هناك بأني بحاجة إلى المزيد من التحاليل، بالإضافة إلى  فحوصات البروجسترون، والأستروجين، كان يجب فحص سرعة انقسام الخلايا وغيرها من التحاليل التي تساعد على وضع خطة علاج مناسبة.

ثم سافرت إلى ألمانيا حيث خضعت للمزيد من الفحوصات، وإعادة بعض الفحوصات التي أجريتها سابقًا. ومن ثم خضعت لعملية الاستئصال، وخضت مرحلة العلاج الكيماوي، والعلاج الإشعاعي، ودامت رحلة العلاج بالكامل لمدة سنتين. وحتى بعد التعافي من المرض، من المهم معرفة أن الرحلة لا تنتهي، وأن مريضة السرطان مستمرة على هذا الدرب التي تحتاج فيه للكثير من العناية، والدعم.

ما لم أعرفه عن سرطان الثدي

هناك الكثير من المعلومات التي لا تعلمها في الكثير من الأحيان مريضات سرطان الثدي، والتي تزيد من صعوبة مرحلة التشخيص، والعلاج. من هذه المعلومات:

  • احتمالية حدوث انتفاخ في العقد اللمفاوية في اليد. لذلك من المهم السؤال عن هذه الاحتمالية، والمحافظة على وزن صحي، وإجراء تمارين تصريف السوائل من هذه العقد اللمفاوية، لتخفيف الانتفاخ والألم.
  • الجفاف الذي يصيب الجسم بسبب العلاج الكيميائي.
  • احتمالية انقطاع الدورة الشهرية بسبب العلاج.
  • هناك ألم في جذور الشعرعند سقوطه من العلاج الكيماوي.

فيض المشاعر

بمجرد سماعي لتشخيص السرطان، أصبت بخوف شديد، فلطالما ارتبط السرطان في أذهاننا بالموت. أصبت بذعر، وخوف من المرض، ومن العلاج. شعرت بالقلق على أولادي، وما الذي سيحدث لهم.

الحقيقة مشاعر المصابة بالسرطان عميقة، وصعبة ومؤلمة، وهي بحاجة لتفهم من حولها ودعمهم منذ البداية.

كما أن التشخيص يؤثر على أسرة المصابة، وأولادها، والذين لا يحصلون على نفس الاهتمام الذي تحصل عليه من تم تشخيصها توا.

لذلك من المهم الاعتراف بهذه المشاعر، وأهمها الشعور بالخوف، والحديث عنها بصراحة، والحصول على الدعم اللازم لتخطي هذه المشاعر.

أبرز المشاعر التي تشعر بها مريضة السرطان

  • الخوف.
  • القلق.
  • الشعور بالضغط للبدء بالعلاج فورًا.
  • تساؤلات عديدة.
  • التشتت.
  • الحزن.
  • الشعور بالفقد بسبب فقد الثدي، وارتباطه بالأنوثة.
  • الخوف من عودة المرض، حتى بعد انتهاء العلاج والوصول للتعافي.

نصائح لمريضة السرطان

  • استمعي لنفسك.
  • اسمعي لجسدك، واربطي بينه وبين مشاعرك.
  • حددي أولوياتك.
  • عبري عن احتياجاتك، وعن قيمك.
  • استمعي لمن حولك، وتواصلي معهم بإحسان.
  • عبري عما تشعرين بإحسان.
  • استمعي للواقع من حولك وتقبليه، واستفيدي منه، وأوجدي طريقة للتعامل معه.  

نصائح للمحيطين بمريضة السرطان

تختلف ردة فعل المحيطين بمريضة السرطان، فمنهم من يبتعد، ولا يتقبل التغير. ومنهم من يلازمها باستمرار، ومنهم من يبتعد. فكل يقدم الدعم على طريقته، فيما يلي أهم النصائح التي على أسرة وصديقات مريضة السرطان القيام بها:

  • ضرورة إدراك أن مريضة السرطان حساسة جدًا، ومراعاة ذلك.
  • أن يكون الدعم عمليًا من خلال رعاية أبنائها، أو مساعدتها على شؤون بيتها مثلًا، بدل من السؤال عن حالها كل يوم.
  • دعم أبنائها وأسرتها.
  • عدم طرح الكثير من الأسئلة، وزيادة الضغط على المريضة.
  • تجنب تقديم النصائح البديهية مثل: قومي بالدعاء، والصلاة، وقراءة القرآن. فمريضة السرطان تتجه إلى الدعاء والعبادة بدون تذكير.
  • تقديم التعاطف، والطبطبة بدلًا من الشفقة.

دوري كمدربة حياة لمريضات السرطان

علمتني تجربتي، وتجربة والدتي مع سرطان الثدي، ضرورة الوعي، وأهمية التعبير عن أي مخاوف، وما يقلق المريضة. والجرأة في سؤال الطاقم الطبي، والحديث معهم عن هذه المخاوف وضرورة تمكين المريضة، لكي تخطط لرحلة علاجها مع طبيبها بما يناسب حالتها ويجعلها مرتاحة. لذلك أقوم بتمكين السيدات اللاتي يلجأن لي للحصول على التوجيه، مني كمدربة حياة هي إعطاؤهن الأدوات التي يمكنهم من خلالها التعامل مع أي مشاعر، أو مخاوف، ولكي يتمكن من الحديث مع أسرهن، ومع مقدمي الرعاية بشكل يسهل عليهن الخوض في هذه الرحلة الصعبة.

المنهجية التي اتبعها مع متدرباتي اسمها منهجية التفكير الحسي، والتي تعمل على ربط ما بنفس المريضة بالعالم الخارجي. فأكون بمثابة المرآة الصادقة التي تساعد المريض على وضوح الرؤية وأخذ القرار دون ضغط، أو تأثير.

كما أشكل مجموعات دعم للسيدات في جميع مراحل رحلتهن مع سرطان الثدي لمشاركة التجارب، والحصول على الدعم، والتوجيه. والوصول لروابط قوية بين النفس، والجسد، والعقل. ومجموعات دعم لمن يعتنون بمرضى السرطان لإيجاد طرق للتعامل مع الضغوطات وتأثيرها على حياتهم الشخصية وتجاوز هذه الفترة المضطربة في حياتهم.

بالإضافة إلى ورش عمل تساعد المتعافيات، والمريضات على إعادة كتابة قصصهن، بحيث يجدن الأشياء الإيجابية في هذه التجربة الصعبة، ويتحدثن عنها للمزيد من التمكين، والمساعدة على التعافي العاطفي.

 golden-bundle-gold-cta-ar.webp

ريم الصويغ
ريم الصويغكوتش حياة

ريم متعافية من السرطان، وهي كوتش حياة للأفراد تتبع منهجية كوتشينج التفكير الحسي من أكاديمية كن. كوتش حياة للنساء اللاتي تم تشخيصهم بسرطان الثدي أثناء أو بعد العلاج. وهي كوتش حياة لمن يعتنون بمرضى السرطان. حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال ولديها خبرة أكثر من ١٥ سنة مع الأطفال ذوي الإعاقة وأمهاتهم بحكم تخصصها كأخصائية علاج طبيعي. تسعى ريم إلى رفع وعي المستفيد برسالته في الحياة لتحقيق التوازن بتعزيز الحضور التي تمكنه من تخطي أهدافه حتى يصل الى النسخة الأفضل من نفسه وحياته.

مقالات ذات صلة