أسرار الرابطة الخفية بين الام والطفل

ينشأ بين الأم وطفلها علاقة فريدة ومميزة منذ اللحظات الأولى من الحياة، تساهم في دعم نمو الطفل الجسدي والنفسي، وتطوير مهاراته المتنوعة، بالإضافة إلى تعزيز شعوره بالأمان والانتماء. كما تلعب هذه الرابطة دورًا هامًا في تعزيز ثقة الأم بنفسها واحترامها لذاتها. وفي هذا المقال، سنتناول أهمية هذه الرابطة وتأثيرها على تطور الطفل، مع استعراض العوامل النفسية والبيولوجية المؤثرة عليها، وتقديم مجموعة من النصائح لبناء علاقة قوية وصحية بين الأم والطفل منذ الولادة.

omooma
أمومة
تاريخ النشر:Sep 11th 2024
أسرار الرابطة بين الأم والطفل

ما أهمية الرابطة بين الام والطفل؟

الرابطة بين الأم وطفلها هي العملية التي تتطور من خلالها علاقة عاطفية وثيقة بين الأم وطفلها، وتبدأ عادةً أثناء الحمل وتستمر في النمو بعد الولادة.

تشكل هذه الرابطة جزءًا حيويًا من نمو الطفل في وقت مبكر، وترتبط بعدد من النتائج الإيجابية لكل من الأمهات والأطفال، حيث تساعد على تقليل التوتر والقلق لدى الأم وتعزز من احترامها لذاتها كأم وتزيد من ثقتها بنفسها.

أما للطفل فيساعد الترابط بينه وبين أمه على تنظيم عواطفه وسلوكه، وتعزيز نموه المعرفي، وتطوره العاطفي والإدراكي والاجتماعي، وتشكيل شخصيته على المدى البعيد، وتعزيز احترامه لذاته، ووضع الأساس لعلاقاته المستقبلية.

 متى تبدأ الرابطة الطبيعية في التكون بين الأم وطفلها؟

تبدأ الرابطة الطبيعية بين الام والطفل في التكون خلال الحمل، حيث تلعب العوامل البيولوجية دورًا مهمًا في تكوينها وتعزيزها من خلال إطلاق بعض الهرمونات خلال الحمل والولادة. أما بعد الولادة فتلعب العديد من العوامل كالتواصل البصري والرضاعة الطبيعية والتلامس الجسدي دورًا في تقويتها وتعزيزها.

ولكن من الطبيعي أن لا تشعر بعض الأمهات بوجود رابطة بينها وبين طفلها منذ البداية. فقد وجدت الدراسات أن 1 من كل 5 أمهات يواجهن صعوبة في تكوين رابطة فورية مع الطفل، وعادةً ما يكون ذلك بسبب بعض العوامل، ومنها:

  • الحالة الجسدية والعاطفية للأم: فالاضطرابات المزاجية أو الإصابة بالقلق أو اكتئاب ما بعد الولادة أو أي حالة جسدية تعاني منها الأم يمكن أن تؤثر على قدرتها بالارتباط بطفلها.
  • الحالة الصحية للطفل: فعندما يحتاج الطفل لرعاية طبية بسبب الولادة المبكرة أو نتيجة إصابته بحالة صحية ما، يمكن أن ينفصل عن والدته لفترة زمنية قد تؤثر على الترابط الفوري.
  • التجارب السابقة للأم: فالتجارب السابقة أو حتى تجربة الولادة الصعبة وغير المتوقعة مثل المخاض المؤلم قد يجعل الارتباط الفوري بين الأم وطفلها صعبًا.

 ما هي العوامل التي تؤثر على الرابطة بين الأم وطفلها؟

تؤثر العوامل الآتية على الرابطة بين الام والطفل:

العوامل البيولوجية

تلعب العوامل البيولوجية دورًا مهمًا في تكوين وتعزيز الرابطة بين الأم وطفلها من خلال:

1| الأنظمة الحسية للطفل

أساس الرابطة بين الأم وطفلها يبدأ من الرحم، حيث تتطور حاسة السمع لدى الجنين بشكل ملحوظ في الثلث الثاني من الحمل، ومع مرور كل أسبوع تتحسن حساسيته للأصوات الخارجية، وفي غضون الثلث الثالث قد يستجيب لبعض الأصوات والضوضاء داخل الرحم، وتحديدًا صوت الأم ونبضات قلبها، وهذا هو السبب الرئيسي وراء تعرف الطفل حديث الولادة على أمه فور ولادته.

وتلعب حاسة الشم أيضًا دورًا مهمًا في تعزيز هذه الرابطة، حيث يستطيع الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية تمييز رائحة أمه الفريدة والارتباط بها، مما يعزز علاقته مع والدته منذ اللحظات الأولى من الحياة.

2| الهرمونات

هرمون الأوكسيتوسين أو هرمون الحب هو الهرمون المسؤول عن المشاعر الدافئة والمحبة التي تشعر بها الأم تجاه طفلها، وعادةً ما يطلقه جسم الأم خلال الحمل وعند الولادة وخلال رعاية الأم لطفلها، إذ يفرز الجسم كميات إضافية من هذا الهرمون خلال التواصل البصري مع الطفل والتلامس الجسدي والرضاعة الطبيعية، وهذا يساعد في تكوين رابطة عميقة ومذهلة بين الأم وطفلها.

وبالإضافة للأوكسيتوسين تؤثر هرمونات أخرى على الرابطة بين الأم وطفلها، مثل:

  • هرمون البرولاكتين المسؤول عن إنتاج الحليب خلال الرضاعة الطبيعية.
  • هرمون الكورتيزول أو هرمون التوتر، فالمستويات المرتفعة منه قد تؤثر بشكل سلبي على استجابة الأم لاحتياجات طفلها، وعلى العلاقة بينهما، ولكن البيئة الداعمة قد تساعد في تنظيم مستوياته وتعزيز الرابطة العميقة بين الأم وطفلها.

العوامل النفسية والاجتماعية

تلعب العوامل النفسية والاجتماعية دورًا في تكوين هذه الرابطة أيضًا، فعلى سبيل المثال التفاعل اليومي مع الطفل والتحدث والغناء معه يساعد في تأسيس علاقة قوية بينه وبين الأم.

كما أن حصول الأم على دعم من الزوج والأسرة والمجتمع قد يساعدها في بناء رابطة صحية مع طفلها. فمن الضروري أن يدعم الزوج زوجته بإدراك حجم التغيرات العاطفية التي تواجهها بعد الولادة ومحاولة دعمها عاطفيًا وجسديًا، وهذا ينطبق تمامًا على باقي أفراد العائلة.

نصائح لتعزيز الرابطة بين الأم وطفلها

بالرغم من أن العلاقة بين الام والطفل فريدة من نوعها، ولا يوجد نهج واحد يناسب الجميع لتكوين رابطة قوية، إلا أن النصائح الآتية قد تعزز الترابط القوي:

المواليد والرضع

إليك مجموعة من النصائح التي تزيد من ترابط الأم مع مولودها الجديد:

  • ملامسة الجلد للجلد: فهذا التواصل الجسدي الوثيق لا يعزز الرابطة والتعلق بين الأم والطفل فقط، بل يساعد في تنظيم درجة حرارة الطفل ومعدل ضربات قلبه وتنفسه.
  • الرضاعة الطبيعية: خلال الرضاعة الطبيعية يحدث تواصل جسدي وثيق وتواصل بصري بين الطفل وأمه، هذا وبالإضافة لتقديم الطعام له، وجميع هذه الأمور تعزز الارتباط العاطفي القوي بين الأم وطفلها.
  • الحفاظ على التواصل البصري: النظر في عينين الطفل يعزز الشعور بالارتباط العاطفي والأمان، ويؤدي لتحسين التواصل وفهم المشاعر بين الأم وطفلها، بالإضافة لتعزيز نمو دماغ الطفل.
  • المشاركة في الأنشطة التفاعلية: كاللعب أو الغناء والتحدث معًا، فهذه الأنشطة يمكن أن تخلق لحظات ممتعة بين الأم وطفلها.

الأطفال الأكبر عمرًا

يمكنك تعزيز العلاقة بينك وبين طفلك باتباع النصائح الآتية:

  • الحب غير المشروط: لا تمنحي طفلك شعورًا بأن عاطفتك مشروطة، أي تحبينه فقط عندما يقوم بسلوك جيد، أو يحصل على درجات عالية، بل يجب أن يشعر بأن حبك غير مرتبط بأمور أخرى، فسحب الحب ليس عقابًا صحيحًا، بل إساءة عاطفية للطفل.
  • مشاركة التفاصيل: شاركي طفلك كافة التفاصيل واضحكي من قلبك عندما يكون سعيدًا بشأن شيء ما، فلحظات السعادة تقوي الرابطة بين الأم وطفلها.
  • التعامل مع مشاعر الطفل بجدية: تعاملي مع مشاعر طفلك بجدية وتحديدًا في نوبات الغضب، وأخبريه أنك موجودة دائمًا وحاولي أن تحلي الموقف عندما يهدأ طفلك.
  • تخصيص وقت للطفل: من العلامات المهمة على وجود علاقة بين الام والطفل الاستمتاع بقضاء الوقت معًا، فبالرغم من أن الحياة اليومية مرهقة، إلا أنه لا بد أن تخصص الأم وقتًا للاستمتاع مع طفلها، وتركز على اللحظات الجميلة.
  • الاعتذار: قد تغلط الأم بحق طفلها، كأن تصرخ عليه بسبب التوتر الشديد، أو تتفاعل بشكل غير لائق مع سلوكه، وفي هذه الحالة يجب أن تعتذر من طفلها، وتكون قدوة جيدة.

الخلاصة

الرابطة بين الام والطفل هي من أقوى العلاقات الإنسانية التي تبدأ منذ وجود الجنين في رحم أمه، وتستمر طوال الحياة. هذا الارتباط الفريد لا يساعد فقط في نمو الطفل العاطفي والنفسي، بل يساهم أيضًا في تطوره الاجتماعي والإدراكي.

omooma
أمومةمنصة عربية تقدم كورسات ومحتوى عن كل ما يتعلق الأمومة

أمومة هي المنصة العربية الأولى على شبكة الإنترنت، والتي تقدم دورات تدريبية ودروس أونلاين عن كل ما يتعلق بالأمومة. وتقدم منصة أمومة محتوى مصور ومكتوب يغطي مواضيع عديدة تتعلق بصحة المرأة، والحمل، والخصوبة، وصحة الأطفال والتربية وغيرها من المواضيع التي تهم المرأة. يكتب مقالات منصة أمومة كتاب محتوى طبي بناء على أبحاث مستفيضة، وتنشر المقالات بعد مراجعتها من فريق كبير ومتنوع من أفضل الخبراء في المنطقة لنقدم للمرأة العربية كل ما تحتاج من معرفة ودعم لمساندتها في رحلتها كأم.

مقالات ذات صلة