كيف تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين؟

الصحة والذكاء وجميع السمات التي يتصف بها طفلك هي مزيج من الجينات الموروثة والبيئة المحيطة به، إلا أن الأمر العجيب هو أن البيئة المحيطة تبدأ بالتأثير على طفلك قبل أن يولد. فالكثير من الدراسات بينت أن هناك علاقة بين التدخين خلال الحمل وانخفاض وزن الطفل عند الولادة، وبين شرب الكحول وعيوب القلب أو اضطرابات المفاصل، وبين النظام الغذائي السيئ والسمنة عند الطفل. ولكن ماذا عن الحالة النفسية للأم؟ هل حقًا تؤثر على صحة الجنين؟ وكيف تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين؟ تابعي المقال لتتعرفي إلى الإجابات بالتفصيل.

omooma
أمومة
تاريخ النشر:Aug 24th 2024 | تاريخ التعديل :Sep 10th 2024
الحالة النفسية للأم

هل حقًا تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين؟

في البداية اعتقد الباحثون أن الحالة النفسية للأم لها تأثير على الطفل بعد الولادة فقط، أي أن سوء الحالة العاطفية أو تعرض الأم لسوء المعاملة أو العنف أو غيره قد يزيد من خطر إصابة الطفل باضطرابات نفسية، مثل: الاكتئاب أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو القلق أو غيره من الاضطرابات.

ولكن تبين في الدراسات الحديثة أن الصحة النفسية للأم هي جزء لا يتجزأ من بيئة جنينها، وكل شيء تتعرض له الأم خلال الحمل يؤثر على صحة جنينها أثناء الحمل، بما في ذلك الأصوات الموجودة في البيئة المحيطة، والهواء الذي تتنفسه، والطعام الذي تتناوله، والعواطف التي تشعر بها.

ففي حال كانت الأم تشعر بالسعادة والهدوء طوال فترة الحمل، هذا سوف يسمح لجنينها بالنمو في بيئة سعيدة وهادئة، بينما تزيد مشاعر القلق والتوتر أو الاكتئاب من هرمونات معينة في جسم الأم تؤثر على نمو جسم الطفل وعقله.

كيف تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين؟

تؤثر التغيرات الفسيولوجية والنفسية أثناء الحمل بشكل كبير جدًا على الجنين، ويمكن توضيح ذلك بالنقاط الآتية:

  • بعض الهرمونات التي يفرزها الجسم نتيجة القلق والتوتر والحزن يمكن أن تمر عبر المشيمة، وتؤثر على الجنين مثل هرمون الكورتيزول.
  • النساء الحوامل المصابات بالقلق والاكتئاب أو التوتر والحزن أكثر عرضة للإصابة بسوء التغذية واضطرابات النوم والتدخين وتعاطي الكحول، وهذا بدوره يؤثر على صحة الجنين، ويسبب الولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، وتأخر النمو.
  • تساهم هرمونات التوتر في زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الناجم عن الحمل والسكري المرتبط بالحمل، وهذه الأمراض بدورها تؤثر على صحة الطفل ونموه الطبيعي.

دراسات وضحت العلاقة بين الحالة النفسية للأم وصحة الجنين

فيما يأتي سوف نذكر بعض الدراسات التي أجابت على سؤال "كيف تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين؟" بشكل تفصيلي:

  • التوتر: أظهرت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الأجنة الذين تعرضوا لمستويات عالية من هرمونات التوتر (مثل هرمون الكورتيزول) أثناء وجودهم في الرحم لديهم مستويات قلق أعلى، وذلك لأن اللوزة الدماغية تصبح أكثر نشاطًا لديهم، واللوزة الدماغية هي جزء من الدماغ مسؤول عن تنظيم المشاعر واستجابات التوتر.
  • القلق: أظهرت دراسات أُجريت على البشر أن مناطق الدماغ التي تتحكم في العواطف كانت أقل نشاطًا عند أطفال الأمهات الحوامل المصابات بالاكتئاب. وأظهرت دراسة أخرى زيادة معدل ضربات القلب لدى أطفال الأمهات المصابات بالقلق عندما تكليف أمهاتهم بمهمة مرهقة.
  • الاكتئاب: أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بالاكتئاب خلال الحمل يكون وزنهم أقل عند الولادة، وأظهرت دراسة جديدة أخرى أن الأم إن كانت مكتئبة خلال الحمل فهذا سوف يؤثر على كيفية نمو طفلها بعد الولادة.

كيف يمكن التعامل مع الحالة النفسية للأم خلال الحمل؟

وضحنا كيف تؤثر الحالة النفسية للأم على صحة الجنين بشكل مفصل، والآن لا بد من التطرق لتوضيح كيفية التعامل مع الحالة النفسية السيئة للأم خلال الحمل.

في البداية، لا بد من إخبارك عزيزتي أنه من الطبيعي أن تشعري بالقلق والإحباط أثناء الحمل، حيث إن حوالي 20% من النساء يعانون من القلق والاكتئاب خلال الحمل. لذلك جربي النصائح الآتية لمحاولة تحسين حالتك النفسية والتفكير بإيجابية، فالتفكير الإيجابي يرتبط بالحمل المريح والنمو الصحي للطفل:

  • مارسي اليوغا أو تمارين التأمل والتمارين الرياضية الخفيفة لتخفيف القلق والتوتر.
  • تحدثي إلى أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين حول ما تشعرين به واطلبي منهم الدعم اللازم.
  • احصلي على غذاء متوازن وصحي.
  • احصلي على ساعات نوم كافية.
  • تجنبي الأمور التي تسبب القلق والتوتر لكِ.
  • وإن شعرتِ أن الأمور تخرج عن السيطرة احرصي على استشارة معالج أو طبيب نفسي. 

هل يمكن تناول الأدوية النفسية خلال الحمل؟

حتى الآن لم يتم الموافقة على تناول الحامل لأي أدوية نفسية، ليس لأنها غير آمنة، بل لأنه لم يتم دراستها على النساء الحوامل بالدرجة المطلوبة للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء. ولكن يمكن أن يكون تناول هذه الأدوية مسموحًا لحالات معينة وتحت رعاية ومتابعة طبيب ذي خبرة في الطب النفسي الإنجابي. وفيما يأتي بعض التفاصيل:

1| مضادات الاكتئاب

أشارت الدراسات والأبحاث أن بعض مضادات الاكتئاب يمكن أن تكون آمنة خلال الحمل، ولم يتم ملاحظة خطر متزايد للإصابة بالعيوب الخلقية عند الأطفال الذين تناولت أمهاتهم هذه الأدوية خلال الحمل، ومنها مجموعة أدوية مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (Selective serotonin reuptake inhibitors) على الرغم من أن أحد أنواعها لا ينصح به للأمهات الحوامل؛ لأنه يزيد من خطر إصابة الطفل بالعيوب الخلقية.

ولكن قد يعاني الطفل من أعراض انسحاب الدواء خلال الأسبوعين الأوليين من حياته، مثل: التنفس السريع، والهزات، والتهيج السريع، وسوء التغذية والتي عادةً ما تختفي من تلقاء نفسها.

2| الأدوية النفسية الأخرى

قد يكون من الآمن تناول مثبتات المزاج وبعض الأدوية المضادة للذهان خلال الحمل تحت رعاية الطبيب، ولكن يجب تجنب إحدى مثبتات المزاج والمعروف بحمض الفالبرويك؛ لأنه يرتبط بخطر أعلى للإصابة بالعيوب الخلقية.

الخلاصة

يتلقى الجنين رسائل مستمرة من أمه، فلا يقتصر الأمر على سماع نبضات قلبها أو الأصوات المحيطة بها، بل تؤثر مشاعرها وحالتها النفسية على صحته ونموه بشكل كبير. لذلك احرصي عزيزتي على تلقي الدعم اللازم من العائلة والأصدقاء والحصول على غذاء متوازن وممارسة بعض التمارين لتخفيف التوتر والقلق، واستشارة أخصائي نفسي عند اللزوم.

omooma
أمومةمنصة عربية تقدم كورسات ومحتوى عن كل ما يتعلق الأمومة

أمومة هي المنصة العربية الأولى على شبكة الإنترنت، والتي تقدم دورات تدريبية ودروس أونلاين عن كل ما يتعلق بالأمومة. وتقدم منصة أمومة محتوى مصور ومكتوب يغطي مواضيع عديدة تتعلق بصحة المرأة، والحمل، والخصوبة، وصحة الأطفال والتربية وغيرها من المواضيع التي تهم المرأة. يكتب مقالات منصة أمومة كتاب محتوى طبي بناء على أبحاث مستفيضة، وتنشر المقالات بعد مراجعتها من فريق كبير ومتنوع من أفضل الخبراء في المنطقة لنقدم للمرأة العربية كل ما تحتاج من معرفة ودعم لمساندتها في رحلتها كأم.

مقالات ذات صلة